في النهي أو خبر النفي تعذر علينا اعتبار المطلق من حيث هو مطلق، بخلاف الأمر وخبر الثبوت لا يحمل من أمر المطلق شيء، بل التقييد زائد عليه، فتأمل الفرق فلم أر أحداً يفرق، مع أن الفرق في غاية القوّة، بل يصرحون بالتسوية.
فائدة: الإطلاق والتقييد اسمان للفظ دون المعنى، فهما من أسماء الألفاظ.
فإن قيد بقيدين مختلفين في موضعين حمل على الأقيس منهما عند الإمام ويبقى على إطلاقه عند الحنفية ومتقدمي الشافعية.
ما أظن بين الفريقين خلافاً، لأن القياس إذا وجد قال به الحنفية والشافعية وغيرهم؛ فيحمل قولهم يبقى على إطلاقه على ما إذا لم يوجد قياس أو استوى القياسان. مثاله قوله تعالى في كفارة الحنث «فصيام ثلاثة أيام» (?) ولم يذكر التتابع ولا عدمه فهو مطلق، وذكر الصوم متتابعاً في الظهار ومفرقاً في صيام التمتع؛ فقد دار بين قيدين متضادين فيبقى على إطلاقه، يخير فيه أو يقاس على الظهار بجامع الكفارة أو يقال لا يصح القياس لأن الظهار معصية تناسب التغليظ بخلاف الحنث في اليمين، وأمكن القياس على صوم التمتع لأنه جابر لنقص الحج وخلله، وكفارة الحنث جابرة لما فات من البر، أو يقال
الحج من باب العبادات وهذا من باب الكفارات، فالباب مختلف، فيختلف الحكم، فلا يصح القياسز
فائدة: قال صدر الدين قاضي قضاة الحنفية يوماً نقض الشافعية أصلهم فإنهم يقولون يحمل المطلق على المقيد وقد ورد قوله عليه الصالة والسلام: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً» وهذا مطلق وروي «أولاهن بالتراب - وإحداهن بالتراب» فإحداهن مطلق ولم يحملوه على المقيد الذي هو أولاهن، قال وناظرت جماعة منهم من جملته شمس الدين الأرموي قاضي العسكر ولم يجدوا له جواباً قلت له: جوابه إن هذا الحديث تعارض فيه قيدان (أولاهن وأخراهن) فليس حمل المطلق الذي هو (إحداهن) على أحدهما بأولى من الآخر، وقاعدة القائلين بالحمل أنه إذا تعارض قيدان بقي المطلق على إطلاقه، فلم يتركوا أصلهمن بل اعتبروا أصلهم.