وقد تقدمت حقيقته، وأنواعه العشرة، وهو حجة عند مالك - رحمه الله - وجماعة من أصحابه وأصحاب الشافعي، وخالف في مفهوم الشرط القاضي أبو بكر منا وأكثر المعتزلة، وليس معنى ذلك أن المشروط لا يجب انتفاؤه عند انتفاء الشرط فإنه متفق عليه، بل معناه أن هذا الانتفاء ليس مدلولاً للفظ، وخالف في مفهوم الصفة أبو حنيفة وابن سريج والقاضي وإمام الحرمين وجمهور المعتزلة، ووافقنا الشافعي والأشعري. وحكى الإمام أن مفهوم اللقب لم يقل به إلاّ القاق. لنا أن التخصيص لو لم يقتض سلب الحكم عن المسكوت عنه للزم الترجيح من غير مرجح وهو محال.
الحاصل في الشرط أربعة أمور: إذا قال أنت طالق إن دخلت الدار مثلاً. أحدها: ارتباط الطلاق بالدخول. وثانيها ارتباط عدم الطلاق بعدم الدخول. وثالثها: دلالة لفظ التعليق على ارتباط الطلاق بالدخول. ورابعها: دلالة لفظ التعليق على ارتباط عدم الطلاق بعدم الدخول. فالأقسام الثلاثة متفق عليها بين القاضي وغيره، وإنما الخلاف في الرابع وهو دلالة لفظ التعليق على ارتباط عدم الطلاق بعدم الدخول.
فيقول القاضي - رحمه الله - أنا أقول إنها لا تطلق إذا لم تدخل الدار لكن استصحاباً للعصمة السابقة. وغيره يقول لأمرين: الاستصحاب ودلالة لفظ التعليق. وهذا معنى قولنا إن المفهوم حجة، ولويس معناه إن عدم المشروط لا يتحقق عند عدم الشرط، بل ذلك مجمع عليه. والفرق بين مفهوم اللقب في كونه لم يقل به إلاّ الدقاق، وبين غيره من المفهومات، أن غيره من المفهومات نحو مفهوم الصفة وغيرها فيه رائحة التعليل، فإن الصفة والشرط ونحوهما يشعران