وقيدت في قوله تعالى: «ذوى عدل منكم» (?) وبقوله تعالى: «ممن ترضون من الشهداء» (?) فحمل المطلق على المقيد، وكذلك في سائر صور النزاع طرداً للقاعدة.
والجواب عن الأوّل: أنا نسلم أن المطلق في ضمن المقيد، ولكن التقدير أن السبب مختلف، فلعل القتل لعظم مفسدته يقتضي زيادة الزاجر أو الجابر فيغلظ عليه باشتراطه الإيمان، والظهار لخفة مفسدته لا يشترط فيه ذلك، لاسيما قاعدة الشرع اختلاف الآثار مع اختلاف المؤثرات، واختلاف العقوبات إذا اختلفت الجنايات، والجوابر إذا اختلفت المجبورات.
وعن الثاني أن القرآن كالكلمة الواحدة باعتبار عدم التناقض باعتبار الأحكام بل هو مختلف قطعاً فبعضه خبر وبعضه حكم وبعضه نهي وبعضه أمر. إلى غير ذلك من التنوعات.
وعن الثالث: أن ذلك حاصل لكن كونه باللفظ ممنوع بل بالإجماع.
فائدة: قال المازري في شرح البرهان ورد على أبي حنيفة نقوض: أحدها اشترط السلامة من العيوب في الرقبة. وثانيها: اشتراط الفقر في ذوي القربى. وثالثها: أنه يجزئ عنده عتق الأقطع دون الأخرس. ورابعها: لو حلف لا يشتري رقبة فاشترى رقبة معيبة حنث فلم يعتبر السلامة في الحنث، وخالف قاعدة النسخ، فإن الزيادة عنده نسخ، وهنا نسخ القرآن بغير دليل قاطع.
فائدة: ينبغي أن يعلم أن قولهم: ينبغي أن يحمل المطلق على المقيد مطلق يندرج في كلامهم النهي والأمر وغيرهما، وقد صرح الإمام فخر الدين بذلك وسوى بينه وبين الأمر وليسا سواء، فإن العامل بالمطلق والمقيد معاً جمع بين الدليلين فإنه يحصل المقيد، ويلزم من تحصيل المقيد تحصيل المطلق، أما في النهي فلا، بسبب أنه إذا قال لا تشرب مائعاً هو خمر، إن حملنا المطلق على المقيد هذا خرج كلّ مائع ليس بخمر، فيقع التعارض، والتخصيص بخلاف الأمر، فمتى اعتبرنا المقيد