فائدة: إذا قلنا يمتنع استثناء الكل من الكل فقد وقعت في المذاهب أمور على خلافه.
أحدها: نَقْلُ ابن طلحة المتقدم.
وثانيها: نقل صاحب الجواهر وغيره إذا قال أنت طالق ثلاثاً إلاّ ثلاثاً إلاّ اثنتين أو إلاّ واحدة قولين في لزوم الثلاث له، بناء على أنه استثنى ثلاثاً من ثلاث فيكون استثناؤه باطلاً، أو يقال استثناء يعقبه استثناء آخر يصره أقل من الثلاث وهو قوله إلاّ اثنتين، فبقي من الثلاث المخرجة واحدة فيلزمه اثنتان، لأن الثلاث الأولى كانت مثبتة، والثلاثة الباقية المستثناة منفية، والاستثناء الثاني وهو الاثنتان مثبت لأنه من نفى فتبقى واحدة منفية فقط، فيلزمه اثنتان.
وثالثها: نقل أصحابنا إذا قال أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلاّ واحدة أنه تلزمه اثنتان لاستثنائه الثالثة، مع أن الثالثة قد نطق بها بلفظ يخصها، فقد استثنى جملة ما نطق به فيها، ومع ذلك نفعه، وعللوا ذلك بأن خصوص الوحدات لا يتعلق بها غرض، فهو كقوله: أنت طالق ثلاثاً إلاّ واحدة، وهذا بخلاف ما إذا قال: قام زيد وعمرو وخالد إلاّ زيداً، فإنه استثنى جملة ما نطق به فيها، وشأنه أن يتعلق به غرض بخصوصه، ويلزم الأصحاب على هذه المسألة أن يقولوا إذا قال له عندي درهم ودرهم ودرهم إلاّ درهماً، أنه يلزمه درهمان فقط، فإن خصوص الدراهم غير مقصودة لاسيما والنقدان لا يتعينان عندنا، وكذلك الدنانير.
ورابعها: قال ابن أبي زيد في النوادر: إذا قال أنت طالق واحدة إلاّ واحدة لزمه واحدة إلاّ أن يعيد الاستثناء على الواحدة فيلزمه اثنتان، وتقريره أن الواحدة صفة والموصوف طالق وصفته الواحدةن فإذا رفع صفة الواحدة فقد رفع بعض ما نطق به، وإذا رفع الواحدة تعينت الكثرة، لأنه لا واسطة بينهما، وأقل مراتب الكثرة اثنتان فتلزمه اثنتان، لأن الأصل براءة الذمة من الزائد.
وقد ذكرت في هذه المسألة ستة أحوال لكل حالة حكم يخصها مستوعباً ذلك في كتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء، وهو كتاب يسره الله تعالى: مجلداً كبيراً، نحو