الكل من الكل، مع أنه قد حكى في منعه الإجماع فهذه خمسة مذاهب.
قال الزيدي وغيره أن قصر الاستثناء على الأقل (?) هو مذهب أكثر النحاة والفقهاء والقاضي أبي بكر ومالك وغيره من الفقهاء، وهو مذهب البصريين.
حجة جواز الأكثر ما تقدم من الآية، وأن القائل إذا قال له عندي عشرة إلاّ تسعة لا يلزمه إلاّ واحداً اتفاقاً، ولأنه إخراج بعض من كلّ فيجوز كغيره.
والجواب عن الآية: أن المحذور في استثناء الأكثر المتكلم به يعد عابثاً وخارجاً عن نمط العقلاء في نطقه بشيء لا يعتقد أكثره، بخلاف الشيء اليسير ربما نُسي لقلته فيذكره في أثناء كلامه أو آخره، وإذا قال القائل إن عبيدي لا تقدر عليهم إلاّ من وافقك، فوافقه أكثرهم أو كلهم لا يعد المتكلم عابثاً لكون البعض المخرج لم يتعين، وإنما يوجب العبث تعين الخارج من الكلام عند النطق. والآية الخارج منها غير متعين عند النطق، فإن قلت الله تعالى يعلم ذلك، فهو متعين عنده وهو المتكلم بهذه الآية. قلت: القرآن عربي كما وصفه الله تعالى بذلك، فكل ما كان حسناً في لغة العرب حَسَن في القرآن، وما امتنع
امتنع فيه، ولا تأخذ نصوص الربوبية في ذلك، بل اللغة العربية فقط، ولو تكلم بهذه الآية عربي لعدَّ غير عابث، فكذلك إذا وردت في القرآن.
وعن الثاني: أنه ممنوع.
وقال الحنابلة في الخرقى وغيره من كتبهم: إنه تلزمه العشرة لعدم صحة استثنائه.
وعن الثالث الفرق أن الحاجة تدعو لليسير دون الكثير.
وقد ظهر بهذه الكلام مستند الأقوال، فإن الدال على جواز الأكثر دال على المساوي والأقل. والأجوبة يؤخذ منها مستند المذهب الآخر.