الله عليه وسلم -، لعجزه عن الجهاد بسبب كونه أعمى؛ فنزل قوله تعالى: «غير أولي الضرر» وهذا استثناء وقد تأخر عن أصل الكلام، والآية المتقدمة أيضاً وهي قوله تعالى: «واذكر ربك إذا نسيت» حجة المنع أنه يقبح قول القائل لغيره بع ثوبي ثم يقول بعد غد إلاّ من زيد، وإذا كان قبيحاً عُرفاً قَبُح لغة، لأن الأصل عدم النقل والتغيير وقياساً على الشرط والغاية والصفة، فإنه لا يجوز تأخيرها، والجامع كون كلّ واحد منهما فضلة في الكلام غير مستقلة.
واختار القاضي عبد الوهاب والإمام جواز استثناء الأكثر، وقال القاضي أبو بكر
يجب أن يكون أقل، وقيل يجوز المساوي دون الأكثر لقوله تعالى: «إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاّ من اتبعك من الغاوين» (?) ومعلوم أنه أكثر.
في هذه المسألة خمسة مذاهب: يجوز الأكثر، لا يجوز إلاّ المساوي، لا يجوز إلاّ الأقل، لا يجوز إلاّ الكسر، ويمتنع عقد تام فلا يجوز عشرة إلاّ واحداً بل إلاّ نصف واحد، أو كسراً من كسوره، أما الواحد التام فلا، وكذلك لا يجوز مائة إلاّ عشرة، ولا ألف إلاّ مائة، لأن نسبة الواحد إلى العشرة كنسبة العشرة إلى المائة والمائة إلى الألف؛ فإن الجميع عقد صحيح، بل يستثنى بعض العشرة من المائة، وبعض المائة من الألف فقط.
قال أرباب هذا المذهب: ولم يقع في الكتاب والسنة إلاّ مذهبنا، قال الله تعالى: «ألف سنة إلاّ خمسين عاماً» (?) وخمسين من الألف بعض عقد، وقال عليه الصلاة والسلام «إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلاّ واحداً» فاستثنى من المائة واحداً وهو بعض عقد المائة، فإن عقدها عشرة، حكى هذا المذهب سيف الدين الآمدي والمازري في شرح البرهان والزيدي في شرح الجزولية، فهذه أربعة مذاهب.
وحكى ابن طلحة الأندلسي في كتاب المدخل له في الفقه: إذا قال لامرأته أنت طالق ثلاثاً إلاّ ثلاثاً، في لزوم الثلاث له قولان، نعدم اللزوم يقتضي جواز استثناء