من (?) قول مالك إنه للفور من أمره بتعجيل الحج، ومنعه من تفرقة الوضوء، وعدة مسائل في مذهبه، ووافق القاضي أبو بكر الشافعية في التراخي؛ واختلف العلماء هل صح في الوجوب فقط أو يعمهما؟ قال وهو الصحيح، واتفقوا على أن الخلاف لا يتصور إذا قلنا إنه للتكرار والدوام؛ بل يتعين الفور.
واختلف القائلون بالفور فقيل لا يتصور ذلك إلا إذا تعلق الأمر بفعل واحد، وقيل يتصور ذلك إذا تعلق مجمله أفعال. ثم اختلف القائلون بأنه يقتضي فعلاً واحداً فتركه، هل يجب عليه الإتيان بدله بنفس الأمر الأول أو لا يجب إلا بنص آخر؟ فأكثرهم على الأول.
والقائلون بالتراخي اختلفوا هل يجوز تأخيره إلى غير غاية، فقال بعضهم إلى غير غاية على الإطلاق، وقيل إلى غير غاية بشرط السلامة، فإن مات قبل الفعل أثم، وقيل لا إثم عليه إلا أن يغلب على ظنه فواته ولم يفعله، وفصَّل آخرون فقالوا إ، غلب على ظنه أنه لا يموت فمات لم يأثم كرامي السهم يغلب على ظنه السلامة، وهو مختار القاضي أبي بكر، والقائلون بالتأخير اختلفوا، فمنهم من قال لا يجوز التأخير إلا إلى بدل، وهو العزم على أدائه في المستقبل ليفارق المندوب، وقيل العزم ليس ببدل بل هو شرط في جواز التأخير. والقائلون بأنه بدل اختلفوا، فمنهم من قال بدل من نفس الفعل، وقيل بدل من تقديمه، واحتج من قال بأن التراخي لا يتأتى إلا في الواجب أن التراخي معناه لا يأثم بالتأخير، وذلك متعذر في المندوب، لتعذر الإثم في نفسه في المندوب، وجوابه: أنه قد يندب على التراخي كما في صدقة التطور، وقد يكون على الفور كما في تحية المسجد.
حجة التراخي في الواجب: أن الأمر إنما يدل على الطلب وهو أعم من الوجوب على التعجيل، فوجب أن لا يدل على الفور إلا بدليل فيكون مخيراً وهو التراخي.