الترك، لأنه الأصل من جهة براءة الذمة، وهذا بعينه هو مدرك القدر المشترك بينهما، إلا أنا نسكت عن جواز الترك ونقول هو مستفاد من الأصل لا من اللفظ، وحجة أنه لأحدهما لا بعينه وروده في القسمين، والأصل عدم الاشتراك، ولم يدل دليل على أنه أخص بأحدهما، فيجزم بالوضع، ويتوقف في تعيين الموضوع له حجة الإباحة أن الأقسام كلها مشتركة في جواز الإقدام، فوجب القول به حتى يكون اللفظ حقيقة في الجميع، والأصل عدم اعتبار الخصوصيات.

وحجة القاضي في التوقف في جميع الأقسام: تردد الصيغة بينهما، فلو علم أنه موضوع لأحدهما بعينه فإما بالعقل ولا مجال له في اللغات، أو بالنقل وهو إما تواتر أو آحاد، والأول باطل، وإلا لحصل العلم وارتفع الخلاف. والثاني لا يفيد إلا الظن، وهو لا يكفي في القواعد الأصولية.

والجواب أن المعلوم من حال الصحابة رضوان الله عليهم المبادرة لحمله على الوجوب كقوله عليه الصلاة والسلام في المجوس «سنّوا بهم سنة أهل الكتاب» لما رواه عبد الرحمن بن عوف، ولم يتوقفوا في حمله على الوجوب، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام «خذوا عني مناسككم» ، «صلوا كما رأيتموني أصلي» وغير ذلك من أوامره عليه الصلاة والسلام. وقال الله تعال «وما آتاكم الرسول فخذوه» (?) ، وأما قول القاضي لو علم بالتواتر لحصل العلم فمسلم. قوله: وارتفع الخلاف ممنوع؛ فإن التواتر لا يلزم عمومه لجميع الناس، فقد تتواتر قضية في الجامع يوم الجمعة بأن المؤذن سقط من

أعلى المنار ولا يعلم بقية أهل البلد ذلك فضلاً عن البلاد النائية، وإذا لم يعلم أمكن الخلاف ممن لا يبلغه ذلك التواتر.

وهو عنده أيضاً للفور وعد الحنفية، خلافاً لأصحابنا المغاربة والشافعية وقيل بالوقف.

قال القاضي عبد الوهاب في الملخص: الذي ينصره أصحابنا أنه على الفور، وأخذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015