تعالى «وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر» (?) معناه ما شأننا في إيجادنا إلا ترتب مقدورنا على قدرتنا وإرادتنا من غير تأخر كلمح بالبصر، والصفة كقول الشاعر:

عزمت على إقامة ذي صباح ... لأمر ما يُسوِّد من يَسُود

أي لصفة ما يسود من يسود.

وأما اللفظ الذي هو مدلول الأمر فهو موضوع عند مالك رحمه الله، وعند أصحابه للوجوب، وعند أبي هاشم للندب، وللقدر المشترك بينهما عند قوم، وعند آخرين لا يعلم حاله.

في الأمر سبعة مذاهب: للوجوب، للندب، للقدر المشترك بينهما - اللفظ مشترك

بينهما، لأحدهما، لا يعلم حاله، للإباحة، الوقف في ذلك كله، ذكرها الإمام فخر الدين في المحصول، والمعالم بعضها هنا وبعضها هنا، حجة الوجوب قوله عليه الصلاة والسلام «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» ولفظة (لولا) تفيد انتفاء الأمر لوجود المشقة، والندب في السواك ثابت، فدل على أن الأمر لا يصدق على الندب بل ما فيه مشقة، وذلك إنما يتحقق في الوجوب. وقوله تعالى لإبليس «ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك» (?) ذمه على ترك المأمور به، وذلك يقتضي الوجوب، لأن الذم لا يكون إلا في ترك واجب أو فعل محرم. وقوله تعالى «وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون» (?) ذمهم على ترك الركوع إذ أمروا به، هو دليل الوجوب.

حجة الندب: أن الأمر ورد تارة للوجوب كما في الصلوات الخمس وتارة للندب كصلاة الضحى، ومن القسمين صور كثيرة في الشريعة، والاشتراك والمجاز خلاف الأصل، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بينهما وهو رجحان الفعل وجواز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015