ويجب أن يكون منشؤه وراء منشأ الأول لأن الأول يحتاج أن يكون أكثر رطوبة منه، لأنه للحس، وهو للحركة ويجب أن يكون هذا المنشأ في طرفي الدماغ من الجانبين أكثر من الأول، لأن الوسط ما بين جانبي الدماغ أكثر رطوبة فلذلك ما بين فردي هذا الزوج أو سع كثيراً مما بين فردي الزوج الأول، ومخرج هذا الزوج من ثقبين في نقرتي العين بالقرب من مخرج الأول يفصل بينهما عظم رقيق، وإنما ينصبان عن خروجهما من الجمجمة إلا عند أو ل منشئهما كما في الزوج الأول، وذلك لأن الزوج الأول يحتاج أن يلتقي فراده قبل الوصول إلى الجمجمة فيحتاج أن يتقارب أحدهما إلى الآخر من أو ل منشئهما،، ولا كذلك الزوج، وإنما أخرج هذا من نقرة العين لأمرين: أحدهما: أنه يحتاج إلى أن يتفرق في جميع الجوانب التي تقرب من العين لتكون منه العضلات المحركة لها إلى جميع تلك الجوانب، وإذا كان كذلك وجب أن يكون خروجه من الوسط ليكون تقسيمه إلى جميع الجوانب على العدل.
وثانيهما: أن العضلة التي خلف العينين تحتاج أن تكون قريبة الشبه من مزاجها وإنما يمكن ذلك إذا كان عصبها شديد الرطوبة وإنما يمكن ذلك إذا كان مخرجه من هناك إذ لو خرج من موضع آخر لكان يتصلب في مسافة نفوذ هذا الموضع. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث تشريح الزوج الثالث قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما الزوج الثالث فمنشؤه الحد ... إلى قوله: وأما الزوج الرابع فمنشؤه خلف الثالث وأميل.
الشرح إن هذا الزوج أيضاً يحتاج أن يكون شديد اللين لأن أكثره لأجل الحس، ومنه ما هو لحس الذوق وهو إنما يكون بعصب ظاهر اللين لأن إدراك التفاوت بين الطعوم إنما يتم إذا كان المنفعل شديد القبول جداً ولكن لا يجب أن يكون لينه كلين الزوج الأول بل دونه في ذلك فلذلك شعب هذا الزوج الثالث التي في داخل الدماغ متوسطة اللين بين لين الزوج الأول والزوج الثاني. وأما بعد خروجه، فالظاهر أنه يكون أقل ليناً من الزوج الثاني لبعد مسافة ما بين منشئه ومخارجه ولذلك فيما أظن خلق منشؤه خلف منشأ الثاني.
قال جالينوس: وقد ظن المشرحون في هذا العصب أنه عصبة واحدة، وكذلك يعتقد فيه من لم يستقص النظر، وإذا تأمل الاستقصاء ظهر له شعب كثيرة في داخل القحف كالشعر موضوع بعضها على بعض من غير تلبد. وهو أو لاً يخالط الزوج الرابع ويخرج معه من الأم الغليظة ثم بعد ذلك يتشعب إلى الشعب المذكورة في الكتاب وهذه العدة من الشعب ليست مجموع شعب هذا الزوج بل لأحد فرديه، وللفرد الآخر شعب نظيرة لها من الجانب الآخر.