قوله: فلذلك تصير كل واحدة من الحدقتين أقوى إبصاراً إذا غمضت الأخرى إنما يكون كذلك إذا كان الضعف عارضاً بسبب قلة الروح، فإن الحاصل في كل واحدة من الحدقتين من الروح يكون حينئذٍ أقل مما ينبغي فإذا غمضت إحداهما أمكن للأخرى أن تأخذ من الروح قدر الحاجة لتعطله عند الحدقة الأخرى، ويلزم ذلك أ؟ تقوى الإبصار لتوفر الروح وأما إذا لم يكن الضعف كذلك لم يلزم أن يقوى الإبصار لأن كل واحدة من الحدقتين فإنها إما تأخذ من الروح قدر الحاجة في الإبصار فإذا لم يكن ما عندها قاصراً عن ذلك لم يحدث شيئاً آخر وإن تعطل عن الحدقة الأخرى.

وكذلك كان قوله: ولهذا ما يزيد الثقبة العنبية اتساعاً إذا غمضت الأخرى إنما يصح إذا كان ثقب تلك العنبية قد عرض له أن ضاق لأجل قلة الروح فإنه حينئذٍ إذا وجد روحاً أزيد مما عنده لأجل تعطله عن الحدقة الأخرى عاد إلى مقداره الطبيعي فاتسع عما كان قبل ذلك. وأما أن هذا الاتساع يكون أزيد من المقدار الطبيعي فغير صحيح فإن العين يستحيل أن تأخذ بالطبع من الروح مقداراً يمددها حتى يخرج ثقبها عن المقدار الطبيعي بل إنما تأخذ مقدار حاجتها، وإن وجدت روحاً كبيرة جداً.

قوله: أن يكون للعينين مؤدى واحد يريد موضعاً واحداً يتأدى إليه الشبحان قوله: فلذلك يعرض للحول أن يروا الشيء شيئين عندما تزول إحدى الحدقتين إلى فوق وإلى أسفل إذا ارتفع مثلاً إحدى الحدقتين إلى فوق أو إلى أسفل فتارة ترتفع معها العصبة التي تأتيها عند موضع التقائها بالعصبة الأخرى فتكون هناك إحدى العصبتين على حاله، ويكون الموضع من العصبة الآتية إلى الحدقة المرتفعة طرفها فقط أعني أن موضع الالتقاء يرتفع وهذا تلزمه أن تصير مسافة المرتفعة أطول لأنها تصير وتراً للزاوية القائمة التي تحيط بها بعد الارتفاع وبعد العصبة التي كان أو لاً ولا يلزم ذلك الأمر الأول إذ يجوز أن يكون طرف العصبة حينئذٍ مساوياً لارتفاعها عند التقاطع فلا يكون بعدها حينئذٍ بالقياس إلى ما كان أو لاً كبعدي ضلعين متقابلين من سطح متوازي الأضلاع فإن كان الأول، وهو أن يرتفع موضع الالتقاء لزم أن يكون شبح الحدقة المرتفعة أرفع من موضع شبح الأخرى ويلزم ذلك أن لا ينطبق كل واحد من أجزائه على نظيره من الشبح الآخر بل تنطبق أجزاؤه السافلة على أجزاء الآخر العالية إن كان الارتفاع قليلاً، وإن كان كبيراً لم ينطبق شيء من أجزائه على أجزاء الآخر بل يقع بجملته فوق الآخر، فإن لم ينطبق شيء من أجزائه على الآخر رأى الشيء شيئين تامين أحدهما على الآخر بقدر نسبة ارتفاع أحد الشبحين على الآخر، وإن انطبق بعض أجزاء الشبح العالي على بعض أجزاء السافل لم ير الشيء تامين بل حينئذٍ لا يخل وإما أن يكون ارتفاع العصبة عند موضع الالتقاء مساوياً لارتفاعها عند العين حتى تكون مسافتها كما كانت أو لاً أو لا يكون كذلك بل إما أزيد من ذلك أو أنقص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015