هناك مسائل في هذه الحديث، منها ما ذكره البخاري رحمه الله حيث أورد أن الحيض يعتزلن المصلى؛ فهذا جانب فقهي؛ لأنهن لا يصلين، فإذا كانت صلاة العيد في المسجد هل يدخلن المسجد، أم يكن خارج المسجد؟ ومن ذلك أن المرأة إذا أرادت أن تخرج امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد لا يكون عندها ما تلبسه لتخرج به أمام الناس، ولهذا بعض العلماء يقول: إذا أردتم أن يجلسن في البيوت فلا تلبسوهن ثياباً فاخرة؛ لأن المرأة إذا وجدت ثياباً فاخرة دعاها ذلك للخروج لتفاخر بلباسها، فإذا لم تجد شيئاً فترت نفسها وقعدت.
وقد جاء في الأثر أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله: أمرت النساء يخرجن، وإحدانا لا يكون لها جلباب تخرج به! والجلباب: هو الشيء الذي فوق الثوب العالي، مثل العباءة ونحوها.
فلم يعذرها صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: (لتلبسها أختها من جلبابها) فأتانا بتعاون اجتماعي، فمن لم يكن عندها ما تخرج به وأختها عندها زائد من اللباس فعليها أن تعطيها؛ لتشاركها فرحة ذلك اليوم.
فمن الناحية الاجتماعية نقول: إن على كل إنسان أن يتفقد جيرانه في العيد، فكما تذهب بصرتك وتأتي بثياب جديدة لأبنائك، وهم سيلبسونها خارج البيت، فانظر إلى أبناء الجيران هل عندهم من ذلك شيء، أم أنهم أيتام ليس هناك من يأتيهم بشيء فتنكسر قلوبهم.
إن ألزم ما يكون على الإنسان من باب البر والطاعة، ومن باب المراعاة مراعاة حال هؤلاء في ذلك اليوم، وقد جاء ما هو أبعد من هذا، وهو أن المرأة إذا طبخت وخرجت ريح قدرها فلتغرف لجيرانها، وإذا اشتريت الفاكهة لأبنائك فمرهم أن يدخلوا بها داخل البيت، فإذا خرجوا بها في الشارع فأطعم منها أولاد جيرانك؛ لأنهم رأوها، فإن تأخذها إلى بيتك وتطعم أولادك ولا أحد ينظر فلا مانع، لكن أن يخرجوا بها في الشارع، وينظر إليها أولاد الجيران، وليس عندهم منها شيء، ولا استطاعة لهم على شرائها، فإنك تكون قد كسرت قلوبهم.
ففي هذا الحديث من التوجيه الاجتماعي الشيء العظيم، فالمرأة أشد ما تكون بخلاً حين تملك الحلي وأدوات الزينة، وهنا يأمرها صلى الله عليه وسلم أن تعطي أختها، وليست أختها بنت أمها وأبيها، لكن أختها في الإسلام، كجارتها ونحوها.