وهنا موضوع أساسي، وإن كان ليس من آداب قضاء الحاجة، ولكنه من لازم هذا الحديث، ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن عامة عذاب القبر منه) فهذا الحديث نص صريح في وجود عذاب القبر، وهناك من أنكر ذلك كالمعتزلة ومن نحا نحوهم، ولكن الجمهور يثبتون عذاب القبر لنصوص متعددة منها هذا الحديث، ومنها قول المرأة اليهودية التي كانت عند عائشة رضي الله تعالى عنها وأكرمتها، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم قالت:: (إن فلانة اليهودية قالت لي كذا، أيعذب الناس في قبورهم؟ قال: بلى يا عائشة) .
وكذلك الحديث الذي جاء في البكاء على الميت: (إن الميت ليعذب في قبره ببكاء أهله عليه) هذا حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وعائشة رضي الله تعالى عنها لما سمعت ذلك قالت: (رحم الله أبا عبد الرحمن، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يهودية ماتت، وهم يبكون عليها: إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها) أي: لكونها يهودية.
ومهما يكن من شيء فقد ثبت عذاب القبر كما ثبت نعيمه، وذلك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (القبر إما حفرة من حفر النار وإما روضة من رياض الجنة، وإذا أسند العبد في قبره -أي: بعد السؤال- فالمؤمن أول ما يفتح له باب من النار، ويقال له: كان هذا مقعدك لو لم تكن مؤمناً، ثم يسد عنه ويفتح له باب من الجنة، ويقال له: ذاك مقعدك يوم القيامة، فالكافر يقول: رب! لا تقم الساعة.
والمؤمن يقول: يا رب! أقم الساعة أقم الساعة) .
وسمعت من والدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه يقول: من العلماء من استدل على عذاب القبر من كتاب الله في حق آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46] {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} يعني: قبل أن تقوم الساعة {غُدُوًّا وَعَشِيًّا} أي: صباحاً ومساءً، إذاً: هذا استنتاج من كتاب الله يثبت وجود عذاب القبر لأصحابه غدواً وعشياً، ثم يكون لهم يوم القيامة شيئاً آخر.