قال: [وعنه رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه) .
أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف] .
هنا يأتي المؤلف رحمه الله ليبين لنا قضية لغوية وعملاً شرعياً، فالآية الكريمة: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة:6] لم تطلق اليد عن القيد، بل قيدت غسل اليد بـ (إلى) ، و (إلى) حرف غاية، فجعلتا الغايةَ إلى المرفقين، والمرفق هو المفصل؛ لأنك ترتفق به وتتكئ عليه، واللغة تقول: إذا كانت الغاية من جنس المُغَيَّا فهي داخلة فيه، وإذا كانت الغاية من غير المُغَيَّا فليست داخلة.
كقوله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] فهل الليل داخل في الصيام، أم هو خارج عنه؟ الليل مغاير للنهار، وجُعل الصيام إلى الليل، فالليل خارجٌ عن منطقة الصيام، وإن كان العلماء يقولون: يأخذ جزءاً من الليل تحقيقاً لكمال صوم يوم النهار؛ لكن الليل من حيث هو ليس داخلاً في الصوم، ولذا يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا فقد أفطر الصائم) .
فلما كان الليل مغايراً للمُغَيَّا -وهو النهار، أو زمن الصوم- لم يكن الليل داخلاً.
لكن هل المرفق داخل في مسمى اليد أو أنه ليس بداخل؟ يقولون: إن كلمة (اليد) يدخل فيها أطراف الأصابع إلى المنكب، وأجزاؤها مختلفة التسمية، فالأصابع أولاً، ثم الكف، ثم الرسغ، فالزند، فالساعد، فالمرفق، فالعضد، فالمنكب، فكل جزء في اليد أخذ اسماً مستقلاً، ولكن الجميع يدخل تحت اسم اليد.
فلما جاءت كلمة (اليد) وغييَ المطلوب غسله من اليد إلى المرافق، كان المراد غسل اليد مع المرافق؛ لأنها جزء من الأيدي.
فجاء بهذا الحديث ليبين لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غسل يديه أدار الماء على مرفقيه، يعني: شمل المرفق بالغسل، فالمرفق داخل في غسل اليد.
والله تعالى أعلم.