قال المؤلف: [وللترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما: (من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول) والراجح وقفه] .
هذا الأثر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: (من استفاد مالاً) هذه المسألة يبحث فيها الفقهاء المال المتجدد أثناء الحول، فمثلاً: عندك مال قدره مائتا درهم، وليكن هذا المال من التجارة، فيزيد ويزيد إلى أن يأتي نهاية الحول وقد صارت المائتان ألفاً، فعند تقدير العروض في نهاية الحول تزكي ما وجد عندك، ولا تقتصر على زكاة أول ما ابتدأت به.
فإذا كنت بدأت الكسب بالتجارة أو الموظف يوفر من راتبه كل شهر شيئاً، إلى أن بلغ التوفير نصاباً، فيبدأ حساب الحول، فإذا وصل إلى نهاية الحول من يوم ما تم عنده النصاب، وفي أثناء ذلك كان يضم توفيراً مع توفير لشهر مع شهر، إلى النصاب، فكل ذلك يتبع الأصل الأول، وفي نهاية الحول ينظر ماذا اجتمع عنده حتى الراتب الأخير الذي هو قبل الحول مباشرة، ويزكي الجميع.
فكذلك التاجر: ينظر ماذا ربح، وماذا وجد عنده من أول ما بلغت تجارته النصاب إلى أن يحول الحول، وفي نهاية الحول ينظر كم وجد عنده؟ خمسة أنصبة أو ستة أو أكثر أو أقل، فيزكي تجارته بما فيها ما دخل عليه قبل الحول بيوم واحد، ولا نقول: له حول جديد؛ لأن أصله واحد وهو التجارة، وكذلك الموظف أصل ماله وهو الوظيفة.
لكن هذا التاجر وذاك الموظف إذا استفاد مالاً آخر أثناء الحول، سوء في منتصف الحول أو قبل تمام الحول بشهرين أو ثلاثة بأن جاءه ميراث مثلاً، فهل المال الذي جاءه من الميراث تابع للتجارة أم مستقل؟ مستقل.
فعلى هذا يقول ابن عمر: يجعل له حولاً جديداً، فحول التجارة وحده ويزكيها في نهاية الحول، وحول الميراث يمضي في طريقه حتى إذا حال عليه الحول عنده زكاه، وبهذا القول يقول الشافعي رحمه الله: أعني أن من استفاد مالاً أثناء الحول اعتبر له حولاً جديداً.
أما الجمهور فيقولون: المال واحد، سواء جاء بالتجارة، أو جاء بالميراث، أو جاء بالهبة، أو جاء بغيره فكله دخل في ملكه وصندوقه، ينظر في نهاية الحول ويزكي الجميع.