الأمر الثاني: ضعفهم بمعرفة الاصطلاحات، فإذا كانت العهدة لا تبرأ، أو لا يبرأ من عهدة النقل من ساق الإسناد فقد لا يبرأ أيضاً ببيان الدرجة غير المشروحة، يعني لا يكفي أن يقال: هذا الحديث فيه فلان مثلاً، أو الحديث فيه ضعف ولا تقوم به حجة، بل لا يكفي أن يقال: الحديث موضوع؛ لأن الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- لما سئل عن حديث، قال للسائل: هذا الحديث لا أصل له مكذوب، موضوع، مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقام إليه رجل من الأعاجم فقال: كيف تقول هذا الحديث مكذوب وهو مروي في كتب السنة بالأسانيد، ثم أحضره من كتاب الموضوعات لابن الجوزي، فتعجبوا من كونه لا يعرف موضوع الموضوع، فعلى هذا نقول: لا يكفي الخطيب أن يقول لعامة الناس: هذا الحديث موضوع، بل لا بد أن يشرح لهم معنى كلمة موضوع، لا بد من هذا؛ لأن كثيراً من الناس لا يفهم أيش معنى كلمة موضوع، فإذا كان هذا الشخص الذي استدرك على الحافظ العراقي في القرن الثامن فكيف بمن دونه؟!

على كل حال بعد ضعف الهمم لجأ الناس إلى المختصرات، لجأ الناس إلى المختصرات، فألفت كتب وأحاديث الأحكام؛ لشدة الحاجة إليها؛ لأنها أحاديث عملية، ومن هذه الكتب المطول ومنها المختصر، فمن هذه الكتب (المنتقى) لمجد الدين ابن تيمية الحراني عبد السلام جد شيخ الإسلام -رحمه الله- وهذا الكتاب يحوي غالب أحاديث الأحكام، جل أحاديث الأحكام موجودة في المنتقى، على أنه فيه الصحيح والحسن والضعيف.

ومن هذه الكتب: (كتاب المحرر) لابن عبد الهادي، وهو من أدق هذه الكتب وأشدها تحريراً، وإمامة مؤلفه معروفة، مشهود له بذلك.

ومنها (العمدة) للحافظ عبد الغني المقدسي، وقد اقتصر فيها على ما صح من أحاديث الأحكام، فينبغي لطالب العلم أن يبدأ بها قبل البلوغ وقبل المنتقى، ومنها هذا الكتاب الذي بأيدينا، وبينا شيئاً من عناية أهل العلم به باختصار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015