على كل حال هذه الأقوال باختصار، وقول مالك رجحه كثير من أهل التحقيق، وأن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وأن عمدته في ذلك الإجماع الذي لا بد أن يعتمد على دليل ولو لم يبلغنا، وأن الزيادة الواردة في حديث أبي أمامة ضعيفة باتفاق الحفاظ، لكن قد يقول قائل: لماذا لا نستدل على ثبوت هذا الاستثناء وهذه الزيادة بالإجماع؟ كما قال بعضهم: إن عمل العالم على مقتضى حديث تصحيح لهذا الحديث، أو فتواه بمقتضى حديث تصحيح له، نقول: لا يلزم، لا يلزم إذا أفتى العالم بمضمون حديث أن يكون هذا الحديث صحيح عنده، قد يكون الحكم ثبت عنده بهذا الحديث وبغيره لا بمفرده، لا بمفرده، وأنتم تعرفون مسألة التصحيح والتحسين بالطرق.
ضعفه أبو حاتم: حقيقة الضعيف وتعريفه أنه ما اختل فيه شرط من شروط القبول -شروط القبول الستة المعروفة-: ضعف الرواة، انقطاع الأسانيد، الضعف ويكون باختلال الضبط، أو باختلال العدالة، انقطاع الأسانيد، اشتمال المتن على علة قادحة، أو على شذوذ ومخالفة، وعدم الجابر عند الحاجة إليه -عدم الجابر- فهذه حقيقة الضعيف، ولا نحتاج أن نقول: ما لم يبلغ درجة الصحيح والحسن، كما قال ابن الصلاح؛ لأنه إذا لم يبلغ درجة الحسن فإنه عن درجة الصحيح أقصر، والمسألة معروفة في تعريفه الكلام الطويل، والردود على ابن الصلاح والمناقشات، لكن ليس هذا محل بسطها، لكن الحديث الذي تخلف فيه شرط من شروط القبول ضعيف عند أهل العلم.
حديث ابن عمر.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى عليه وسلم-: ((إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)) وفي لفظ: ((لم ينجس)) [أخرجه الأربعة, وصححه ابن خزيمة، والحاكم وابن حبان].