نعم حديث ابن عمر المعروف بحديث القلتين اختلف فيه أهل العلم اختلافاً كبيراً، وجاءت الأقوال فيه متباينة، فمن مصحح ومحسن ومضعف، من صححه أشكل عليه العمل به، بعض من صححه أشكل عليه العمل به، كشيخ الإسلام -رحمه الله-، ومن ضعفه -وهم جمع غفير من أهل العلم- ضعفوه بالاضطراب -بالاضطراب في سنده ومتنه- لكن أمكن الترجيح بين ألفاظه، وإذا أمكن الترجيح كما هو معلوم انتفى الاضطراب؛ لأن المضطرب هو: الحديث الذي يروى على أوجه مختلفة متساوية، فالحديث الذي يروى على وجه واحد ليس بمضطرب، الحديث الذي يروى على أوجه -أكثر من وجه- وتكون هذه الأوجه متفقة لا مختلفة لا اضطراب به، الحديث الذي يروى على أوجه مختلفة، لكنها غير متساوية يمكن ترجيح بعضها على بعض لا اضطراب فيها، فإذا أمكن ترجيح بعض الأوجه وبعض الألفاظ على بعضها ينتفي الاضطراب، وإلا فمتن الحديث جاء بلفظ القلتين، وجاء بلفظ القلة الواحدة، وجاء بقلتين أو ثلاث، وجاء في لفظ أربعين قلة، لكن الراجح من هذه الألفاظ القلتين، لفظ القلتين هو الراجح فانتفى اضطرابه، ولذا صححه جمع غفير من أهل العلم، ومن يقول بالتفريق بين القليل والكثير لا إشكال عنده، وعرفنا أنه عمدة الشافعية والحنابلة في جعل القلتين الحد الفاصل.
شيخ الإسلام يصحح الحديث، ولا يفرق بين القليل والكثير على ما مضى، سبقت الإشارة إلى قوله -رحمه الله- وأن قوله قول مالك، كيف يصنع بحديث القلتين بعد أن صححه؟!