الغزالي في الإحياء تمنى أن لو كان مذهب الإمام الشافعي مثل مذهب مالك، وأن الماء لا يحكم بنجاسته إلا إذا تغير؛ وهذا سببه التقليد، وإلا فما الذي يمنع الغزالي أن يرجح مذهب مالك ويسلم، لا شك أنه لزم على أقوال الأئمة بسبب التفريق بين القليل والكثير، نشأ حرج كبير وفروع في كتب الفقه، هي عن يسر الشريعة وسماحتها بمعزل، ولا شك أن الأئمة عمدتهم في ذلك النصوص، وهم بأفهامهم وما يؤديه إليه اجتهادهم مطالبون، ولا يلزمون باجتهاد غيرهم، لكن إذا ترتب على القول بالتفريق بين الكثير والقليل كما قال النووي في المجموع: أنه لو وجد ماء قدره قلتان في إناء كبير يسع خمس قرب، خمسمائة رطل، لا تنقص ولا رطل واحد، لو أخذ منه بذنوب أو دلو أو بإناء بحيث ينقص عن القلتين، نفترض أن هذا الماء في إناء كبير في خمس قرب، ثم وقعت فيه نجاسة، ولم تغير لا لونه ولا طعمه ولا ريحه، هذا على مقتضى مذهبهم طاهر وإلا نجس؟ طاهر، طاهر؛ لأنه بلغ القلتين، لكن لو أخذت من هذا الماء بذنوب بعد أن وقعت فيه النجاسة وحكمت بطهارته فالذي في داخل الدلو طاهر، والذي يسقط من خارجه نجس.
لهم على قولهم تفريع، تفاريع ومسائل يصعب حصرها ويعسر فهمها ويشق تطبيقها، ولذا تمنى الغزالي أن لو كان مذهب الإمام الشافعي مثل مذهب مالك، والذي جره إلى هذا التمني هو كونه مقلداً، وإلا لو نظر في الأدلة ورجح ما أداه إليه اجتهاده انتهى الإشكال.
الغزالي ما تمنى أن يكون الراجح -القول الراجح- من حيث الدليل قول مالك، تمنى أن الشافعي رجح القول الثاني؛ لأنه مقلد.