ما في فرق، بالنسبة للواقع هذا هو، جنى النحل يجنيه من الزهور والورود هذا جناه، وإن شئت قلت: هذا قيء الزنابير، مجرد اللفظ قيء هذا ذم، وإن كانت هذه حقيقته، لكن إذا عبرت بالأسلوب المقبول مدحت، وإذا عبرت بالأسلوب الذي تنفر منه الطباع، وإن كان هو الواقع، فكما قالوا: "الحق يعتريه سوء تعبير" فيكون أحد الخصمين أبلغ وألحن وأفصح، وأسرع في الحجة وبيانها، يبادر بها، ويجليها ويوضحها، والثاني بطيء في الرد، وإذا استحضر الرد قصر في التعبير عنه، وهذا في كثير من الأمور تجد الإنسان يسأل سؤال أو يطرح عليه إشكال فلا يبادر بالجواب، ثم إذا ذهب إلى منزله، واستلقى في فراشه حضر الجواب، هذا ما ينفع، وبعض الناس ما شاء الله مباشرة هات السؤال، وخذ الجواب، فإذا كان الخصم من هذا النوع حجته حاضرة، وعنده فصاحة وبلاغة، ولحن في القول، فإنه يستطيع أن يجلي القضية، ويستطيع أن يصرف نظر القاضي إلى كلامه، بينما خصمه أقل من مستواه.
وبعض الناس يضيّع حقه بكلامه الذي .. ، الحجج القوية التي تؤيده تغيب عنه، فيستمسك بحجج ضعيفة، يستدل القاضي من خلالها أنه لا حجة له قوية، يعني الآن في المناظرات تجدون بعض الناس في المناظرة يكون حاضر الجواب، ويعبر عنه بأسلوب يجعل الناس يقبلونه، ويجعل الخصم يذعن له، وبعض الناس عنده ضعف في هذا الباب، ومثل هذا لا سيما إذا كان من أهل الحق لا يجوز له أن يناظر؛ لأنه إذا ضعف أمام خصمه، وغلب في الحجة والبيان، فإنه سيقضى على أهل مذهبه بالعجز، وينسب عجزه إلى مذهبه، ما يقال: والله عجز فلان، إنما يقال: عجز أهل المذهب الفلاني عن الجواب عن الشبه التي وجهت إليهم.