أكثر من غيره، وحينئذٍ يحكم له، ولو كان غير محق، فالقاضي لا بد أن يكون نبيهاً يعرف ما يحدثه الناس من الحيل، ويعرف ما يدور حوله مما يرتكبه الناس، يعرف أيضاً شيء من اللغة، ويعرف أيضاً أقاويل الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة؛ لئلا يقضي بما يخالفهم، وينظر في الكتب التي تعينه على ذلك.
ثم قال -رحمه الله-:
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ومن ولي القضاء، أو ولّي القضاء فقد ذبح بغير سكين)) " ولي وولّي كلاهما مؤداه واحد، من ولّي فقد تولى " ((القضاء فقد ذبح بغير سكين)) رواه أحمد والأربعة، وصححه ابن خزيمة وابن حبان" هذا أيضاً فيه تحذير؛ لأنه بمثابة القتل له، بمثابة الذبح له، وفري الأوداج، فالأمر جد خطير إذا كان بمثابة القتل، كما جاء في الحديث الآخر: ((لعن المؤمن كقتله)) وهذا الذي تولي أو ولّي القضاء حصل له هذا الأمر وهو الذبح؛ لأنه إن كان أهلاً لذلك فالتبعات عليه عظيمة في تحري الحق، وهو أمر شاق يترتب عليه في الدنيا أن يخسر نصف الناس.
إن نصف الناس أعداء لمن ... ولي القضاء هذا إن عدل
وهذا ليس بالأمر السهل على النفس، وإن كان جاهلاً ليس بأهل ولا كفؤ فخسارته أعظم؛ لأن الأول إن كان ثم خسارة فهي في الدنيا، وخسارة الثاني في الآخرة، نسأل الله السلامة والعافية.