متى يتأهل الشخص في القضاء؟ يتأهل إذا عرف من نصوص الكتاب والسنة ما يحتاجه في هذا الباب، وعرف كيف يتعامل مع نصوص الكتاب والسنة عند التعارض؟ فلا بد من معرفة نصوص الوحيين اللازمة في هذا الباب، ومنهم من يشترط الاجتهاد المطلق في جميع أبواب الدين، لكن لو قيل بهذا لتعذر الحصول على العدد الكافي من القضاة، لكن اجتهاد في بابه وواقع الأمة يشهد بذلك، فالقضاة على مر العصور فيهم المجتهد المطلق، فيهم من علمه شمولي لجميع أبواب الدين، وفيهم من يحسن التعامل مع الخصوم في هذا الباب، ويقضي بينهم، بحكم الله -جل وعلا- على حسب اجتهاد سواء أصاب أو أخطأ بالمقدمات الشرعية المعروفة التي تترتب عليها نتائجها الشرعية، وإن كان في كثير من أبواب الدين مستواه أقل، إذا عرف علم الكتاب وعلم السنة، أو عَلَم من كتاب الله ما يحتاج إليه، وعلم من سنته ما يحتاج إليه، وعرف كيف يتعامل؟ وعرف من اللغة وعلوم الآلة ما يعينه على فهم الكتاب والسنة، وعرف كيف يقايس الأمور كما في كتاب عمر -رضي الله عنه- لأبي موسى الأشعري، وهو كتاب عظيم في هذا الباب، على كل طالب علم أن ينظر فيه، وأن ينظر في شرحه، الإمام ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين أطال وأفاض في شرح هذا الكتاب، يستفيد، يفيد منه القضاة فوائد عظمى، هذا الكتاب المشروح في إعلام الموقعين فيما يقارب مجلدين من الكتاب، نصف الكتاب في شرح كتاب أبي موسى، كتاب عمر لأبي موسى في القضاء، وصار عنده شيء من النباهة، ومعرفة بعض الحيل التي يرتكبها بعض الناس لكسب القضايا؛ لأن الناس أحدثوا ما أحدثوا من الحيل فلا بد من أن يكون القاضي على دراية منها، لا يؤتى بشخص ولو كان من أحفظ الناس للنصوص، ومن أعلمهم، يؤتى بشخص عنده شيء من الغفلة، ولا يدري ما يدور حوله، فينصب لفض الخصومات بين الناس، بل لا بد من أن يكون نبيهاً حذراً مما يحدثه الخصوم، وكل زمان له وسائله وطرقه، ولذا احتيج في الأزمان المتأخرة إلى وجود المحامين، ويدل على ذلك الحديث اللاحق: ((إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع، وقد يكون بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بشيء من حق أخيه)) ... إلى آخر الحديث على ما سيأتي، بعضهم يحسن عرض القضية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015