((ذبح بغير سكين)) يعني ما يحتاج إلى أن يذبح بما يفري الأوداج، وينهر الدم، هو مذبوح على كل حال، لكن لا يلزم منه أنه يموت موتاً حسياً، وإنما هو قضاء عليه بالهلاك المعنوي، وقد يكون في بعض صوره أشد من الهلاك الحسي، الهلاك المعنوي في بعض الأحوال أشد من الهلاك الحسي، ويقرر أهل العلم يعني من باب التنظير أن مسخ القلب أعظم من مسخ البدن؛ لأن مسخ البدن قد تكون عقوبة جوزي عليها في الدنيا، وكفرت به سيئاته التي أرتكبها، لكن مسخ القلب -نسأل الله السلامة والعافية-! فالذي جزاءه في الآخرة أعظم وأشد، نقول: هنا حكم عليه بالهلاك، فمن هلك في الدنيا هلك هلاكاً حسياً كما جاء في "هلك ماعز" ومع ذلك ... ، وذاك الرجل الذي جامع في رمضان قال: هلكت يا رسول الله، وماعز رجم فهلك هلاكاً حسياً، وانتهى من تبعة الذنب، لكن الذي حكم عليه بالنار، واستمر على ذلك لم يحصل منه توبة، ولم يحدث أوبة إلى أن لقي الله -جل وعلا- وهو من أهل النار، نسأل الله السلامة والعافية، هنا يقول: ((من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين)) منهم من يقول: إن هذا الذبح أشد من الذبح بالسكين لأن السكين تريح وهذا الذبح لا يريح، ومنهم من يقول: وهذا نسبوه إلى بعض من تولى القضاء فهو يهون من شأن هذا التحذير، وهذا الترهيب في هذا الحديث، يقول: ذبح ذبحاً لا يصل إلى حد الذبح بالسكين، فأمره أسهل؛ لأن غاية الذبح أن يكون بفري الأوداج وهذا بالسكين وهذا دونه، وعلى كل حال اللفظ غير مراد، وإنما المراد به الهلاك، أنه في الغالب أنه هالك، كما تقدم من أن القضاة ثلاثة، الناجي منهم واحد، والهالك اثنان.
قال -رحمه الله-: