قال -رحمه الله-: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) رواه أحمد، وصححه ابن حبان" وله شواهد كما ذكر الترمذي عن جابر وأبي الدرداء وأبي أمامة وأبي هريرة، فهو صحيح بشواهده ((ذكاة الجنين)) يعني ما في بطن مأكول اللحم من ناقة أو بقرة أو شاة وغيرها مما يذكى ((ذكاة الجنين)) سمي جنين لاجتنانه واختفائه واستتاره ببطن أمه، ((ذكاة الجنين ذكاة أمه)) ذكاة: الأولى مبتدأ، وذكاة: الثانية خبر.
جاء في بعض الروايات: ((ذكاة الجنين بذكاة أمه)) يعني أن ذكاة الأم تكفي لها ولجنينها، فإذا خرج الجنين من بطن أمه ميتاً بعد ذبحها فإنه يؤكل؛ لأن ذكاة أمه هي ذكاته، وذكاته بذكاة أمه، وفي بعض الروايات: ((في ذكاة أمه)) يعني في ضمنها، فلا يحتاج إلى تذكية مستقلة، وبهذا قال أكثر أهل العلم أنه لا يحتاج إلى تذكية إذا خرج ميتاً، أما إذا خرج حياً فإنه لا بد من تذكيته، ويكتفى بذكاة أمه إذا خرج ميتاً؛ لأنه جزء من أجزائها، جزء من محتوياتها كغيره مما يحتويه بطن هذه المذكاة، والحنفية يرون أنه لا بد من تذكيته، فإن خرج ميتاً فهو ميت، حكمه حكم الميتة لا يجوز أكله، وإن خرج حياً فلا بد من تذكيته.
ويختلف الحكم باختلاف الإعراب؛ لأن بعضهم يرويه ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)) يعني كذكاة أمه يكون منصوب على نزع الخافض، فيجب أن يذكى مثل ما تذكى أمه، وعلى هذا يكون الحديث فيه فائدة وإلا ما فيه فائدة؟ إذا قلنا: ((ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)) وأنه يذكى كما تذكى أمه، فما فيه فائدة الحديث، مؤكد لأحاديث التذكية كلها، وإذا قلنا: إن ذكاة الجنين هي ذكاة أمه، أو في ضمن ذكاة أمه، قلنا: إن الحديث جاء بحكم جديد وهو مؤسس لا مؤكد.