قال -رحمه الله-: "وعن شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)) " أولاً: الإحسان مرتبة في الدين عالية أخص من مرتبة الإيمان والإسلام كما جاء في حديث جبريل.
الإحسان يكون في تعامل الإنسان مع ربه، ويكون مع نفسه، ويكون مع غيره، فالتعامل بالإحسان يورث المعاملة بالإحسان {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [(60) سورة الرحمن] فالذي يعامل الناس بالحسنى لا شك أن جزاءه حسن، والذي يعامل من أساء إليه بالحسنى لا شك أن ثوابه وأجره أعظم {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [(96) سورة المؤمنون] لكن من أراد أن يعامل الناس بمثل ما عاملوه به، فإنه لا يعد ظالماً {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [(194) سورة البقرة] يعني لا تجوز الزيادة على ذلك، وإن كان أقل فهذا فضل وإحسان.
نأتي إلى موضوع الباب وهو ما يستحق القتل، كيف نحسن على من يستحق القتل من آدمي أو غيره؟ هذا مستحق للقتل، إما قصاص بأن كان قاتلاً، أو حد إذا كان زانياً محصناً، أو غير ذلك ممن يستحق القتل، كيف نحسن إليه؟ كيف نحسن إلى حيوان يظن كثير من الناس أنه لا يحس ولا يشعر؟ لا بد من الإحسان إليه، ((فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة)) القتلة فعلة، وهو اسم هيئة، هيئة القتل ((وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة)) يعني هيئة الذبح.
ومن الإحسان إليه أن تحد الشفرة، بأن يجهز على المذبوح بسرعة، ولا يعذب بسكين كالة، أو يقتل بسيف كال، بحيث يضرب به مراراً، يضرب به مرة تزهق روحه، وأيضاً لا تحد الشفرة وهو ينظر، ولا تذبح الذبيحة وأختها تنظر إليها؛ لأن لها قوى مدركة تدرك بعض ما يضرها، نعم ليس لها عقول، ولذا لم تكلف بالتكاليف، لكن فيها قوى مدركة تدرك بها بعض ما ينفعها وبعض ما يضرها.
((وليحد أحدكم شفرته)) يعني سكينه ((وليرح ذبيحته)) بحيث يقطع ما يجب قطعه بمرة واحدة.