يقولون: القتل بالمثقل هذا لا يبيح الصيد، لو جاء شخص بحجر كبير فألقاه على صيد فمات، وخرج منه دم؛ لأنه بسبب الثقل لا بد أن يخرج منه شيء، هو يتشقق جلده فيخرج منه دم، يكفي هذا وإلا ما يكفي؟ ما يكفي؛ لأنه مات بثقل الآلة لا بحدها، ومثل هذا لو دهسته سيارة ما يكفي؛ لأنه مات بالثقل لا بالحد، ولذا قال: ((إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ)).
"وعن أبي ثعلبة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رميت بسهمك فغاب عنك، فأدركته فكله)) " إذا أدركت بسهمك بحيث لا تشك أن هذا الصيد إنما مات بسهمك، بسببه، بنفوذه فيه.
((إذا رميت بسهمك فغاب عنك، فأدركته فكله)) غاب عنك ما تدري وين راح؟ ثم بعد ذلك وجدته من الغد أو بعد غد، فكله؛ لأن المسألة مسألة غلبة ظن ما في شك مثل الصور السابقة، هذه غلبة ظن.
((فكله ما لم ينتن)) يعني تتغير رائحته، وإذا أنتن صار عرضة للجراثيم، فيضر بآكله، فيمنع من هذه الحيثية للضرر.
النبي -عليه الصلاة والسلام- أضافه اليهودي على خبز شعير وإهالة سنخة، يعني متغيرة الرائحة، أكل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهنا يقول: ((كله ما لم ينتن)) فما حكم أكل المنتن؟ يعني قد يترك الإنسان شيء من طعامه في الليل فيأتي إليه من الغد وقد تغير يأكل وإلا ما يأكل؟ لا شك أن هذا التغير على درجات، فإن كان في بدايته تغير يسير يغلب على الظن عدم الضرر منه فهو مثل الإهالة المتغيرة، وإن كان تغيره كثير، ويغلب على الظن أنه يضر بآكله فإنه حينئذٍ لا يجوز أكله.
قال -رحمه الله-: "وعن عائشة -رضي الله عنها- أن قوماً قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن قوماً يأتوننا باللحم، لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ " جاء في بعض الروايات في وصف هؤلاء القوم أنهم حديثو عهد بإسلام، بعض الروايات أنهم من الأعراب.