من أهل العلم من يرى أن القيراط يحمل على مقتني الكلب من البادية، والقيراطان محمول على من يقتنيه من الحاضرة؛ لأن البادية مألوف عندهم الكلب، ولا يتروع أطفالهم ولا نساءهم من صوته، فالأثر المرتب على اقتنائه أسهل من الأثر المرتب على اقتناء الحاضرة للكلب، إذا نبح الكلب في حي من أحياء الحاضرة يتروع الناس ما اعتادوه، فالأثر المترتب عليه أشد من الأثر المترتب على اقتناء البادية؛ لأنهم الكلاب قريبة منهم، ويسمعون أصواتها ويرونها، فالأمر عندهم أخف.
ومنهم من يقول: إن القيراطين محمولة على عمل الليل والنهار، بالنظر إلى عمل الليل وعمل النهار، قيراط من عمل الليل، وقيراط من عمل النهار، ورواية قيراط كما عندنا محمولة على أحد الوقتين، فذكر الراوي القيراط الذي ينقص من عمل النهار مثلاً أو عمل الليل، ولم يذكر الآخر، لكن الحديث صريح ((كل يوم)) واليوم يشمل الليل والنهار.
ذكروا في حكمة التحريم تحريم اقتناء الكلب قالوا: مسألة الترويع ترويع الآمنين وهذه ظاهرة، الأمر الثاني: أنه يمنع من دخول الملائكة، فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، والأمر الثالث: أنه نجس، وينجس ما يباشره، ولذا جاء الأمر بغسل ما يلغ فيه الكلب سبعاً، وإحداهن بالتراب على ما تقدم.
قال -رحمه الله-: "وعن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه)) " والكلب لا بد أن يكون معلماً بحيث يسترسل إذا أرسل، وينزجر إذا منع، وألا يأكل من الصيد هذا التعليل، إذا زجر امتنع، وإذا أرسل وأغري استرسل.
((إذا أرسلت كلبك)) يعني المعلم ((فاذكر اسم الله عليه)) لا بد من التسمية على المصيد، سواءً كان بكلب، أو طائر، أو آلة، أو مذبوح على ما سيأتي في قسم الذبائح؛ لأن الترجمة "الصيد والذبائح" هذا في الصيد، وسيأتي ما في الذبائح.
والتسمية شرط لحل المأكول سواءً كان مذبوحاً أو مصيداً بحيوان أو بآلة، من هم من يراها شرط مطلقاً {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [(121) سورة الأنعام] مطلقاً يعني سواءً تركت عمداً أو سهواً، وهذا قال به بعض العلماء، وهو المعروف عند أهل الظاهر.