قد يفرق بين قيراط الجنازة وقيراط الاقتناء بأن هذا فضل وهذا عقوبة، وفضل الله واسع يحتمل ما ذكر في الحديث، وعقوبته لا تصل إلى هذا الحد، وإن كان على خطر مقتني الكلب، يبقى أن تفسيره احتمال يعني ما هو بجزم، احتمال قد يقول قائل: لماذا لا نفسر القيراط بقيراط الدنيا جزء من أربعة وعشرين وجزءاً؟ فينقص من أجره في هذا اليوم جزء من أربعة وعشرين جزء مما اكتسبه من حسنات هذا اليوم؟ لكن إذا قيل: قيراط في هذا السياق على هذا التفسير يكون تخفيف من شأنه، والسياق سياق تعظيم وتهديد، ووعيد، فيبقى الأمر مجمل، والاحتمال قائم، لكن المجال أو السياق لا يؤيد أن يفسر بالجزء من أربعة وعشرين جزءاً؛ لأن المقصود التنفير؛ لأن مقتني الكلب يقول: إذا عملت حسنات قرأت مثلاً جزء من القرآن، وفيه مائة ألف حسنة، يعني يمكن أن يتساهل بجزء من أربعة وعشرين جزء من هذه الحسنات الكثيرة، فالسياق لا يؤيد أن يفسر بجزء من أربعة وعشرين جزءاً؛ لأن المقصود منه التخويف والتحذير، وأما كونه مثل قيراط الصلاة على الميت أو اتباع الجنازة فيبقى أنه احتمال، لكنه خطير، مثل جبل أحد ينقص من أجره كل يوم، ماذا يبقى للمسكين؟ وهذا أبلغ في الزجر، والحساب عند الله -جل وعلا-، العواقب والنهايات عنده، لكن هذا أبلغ في الزجر.
جاء في بعض الروايات كما ذكرنا: ((قيراطان)) بعض من يحقق ويجرؤ على تحقيق الكتب ذكر هذا الحديث وهو يحقق كتاب من كتب الحديث قال: وفي رواية: ((له قيراطان)) وفي رواية ووضع نقطتين وفتح قوس (له قيراطان) والأصل أن النقطتين تكون بعد (له) في رواية له -يعني لمسلم-: ((قيراطان)) يعني ينقص أو انتقص من أجره قيراطان، فبدلاً من أن تكون عليه صارت له، بسبب جهل هذا المحقق الذي يدعي التحقيق، الآن مسألة علامات ترقيم قلبت المعنى.