في سورة الإسراء ذكر الله -جل وعلا- عدداً من المحرمات، بل من الكبائر والموبقات، ثم قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] يعني لو طبقنا الكراهة على مقتضى الاصطلاح الحادث، قلنا: إن جميع ما ذكر مكروه، يعني لا إثم فيه، إنما اجتنابه يترتب عليه الأجر، هل هذا الكلام مقبول؟ نعم؟ لا ليس بصحيح.

ذكرنا مراراً أن عدم معرفة الاصطلاحات وعدم ملائمتها للنصوص هذا يوقع في حرج كبير، يعني حتى الاصطلاحات العرفية وتطبيق النصوص عليها يوقع في حرج كبير، وذكرنا من الأمثلة على ذلك:

أن العامة يقولون للغني البخيل يسمونه محروم، المحروم يعطى من الزكاة وإلا ما يعطى؟ بالنص يعطى بالقرآن، بصريح القرآن يعطى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج] ثم يأتي من يستعمل الحقيقة العرفية والاصطلاح العرفي فيعطي زكاته لغني أرصدته في البنوك أضعاف أضعاف أموال هذا المزكي، يقول: هذا محروم مسكين، ومنصوص عليه في القرآن، فطالب العلم عليه أن يتنبه لهذه الاصطلاحات مع موافقتها ومخالفتها للنصوص.

وذكرنا مراراً أن لو أن إنساناً عاش في البادية وهو صاحب إبل وأقسم الأيمان المغلظة أنه ما رأى جمل أصفر، هل نستطيع أن نقول: إنه مكذب للقرآن؟ الحقيقة العرفية لهذا اللون عنده تختلف عن الحقيقة التي جاء ذكرها في كتاب الله -جل وعلا-، فكونهم يأخذون من هذا الحديث: "رخص" أنه في مقابل العزيمة، العزيمة التحريم والرخصة جاءت على خلاف الدليل، فيبقى أن لحوم الخيل حرام؛ لأنه رخصة والرخصة بقدرها تستعمل يعني عند الاحتياج إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015