ينازع بعض أهل العلم في مدلول الحديث، وهو المنع من كل ذي مخلب، بل ينازعون في مقتضى النهي، فمنهم من يقول: إن النهي للتحريم، ومنهم من يقول: إن النهي للكراهة، وهنا ينقل النووي -رحمه الله تعالى- أن تحريم كل ذي مخلب من الطير هو قول الجمهور، وخالف في هذا من خالف، لكن قول جماهير أهل العلم على المنع، وعليه يدل الحديث، بينما ابن رشد في بداية المجتهد يعكس، يرى أن القول بالحل هو قول الجمهور، وقال: وحرمها قوم، هل نقول: إن للمذهب تأثيراً في سياق الأقوال، وفي الانتصار لهذه الأقوال؟ معروف أن النووي شافعي المذهب، والشافعية يقولون بمقتضى الحديث، يحرمون ما كان له مخلب، وابن رشد مالكي المذهب، والمالكية في باب الأطعمة يتوسعون أكثر من غيرهم، فهل نقول: إن للمذهب تأثير في سياق الأقوال والانتصار لها؟ لأن سياق الأقوال لا شك أن الإنسان يتأثر بما يترجح عنده فقد يعبر عن القول بما يدل على قوته، وإن لم يصرح بذلك، لكن قد يفهم منه من مضمون أو من مقتضى السياق أنه يرجح هذا القول، فإذا قال مثلاً: قال المحققون، قال جماهير أهل العلم كذا وقال المحققون كذا، طيب أليس في .. ، من ضمن هؤلاء الجماهير الذين قالوا بالقول الأول جمع من أهل التحقيق؟ ما معنى التحقيق في مثل هذا السياق؟ إن كان مقتضاه -مقتضى الوصف بالتحقيق- أنهم رجحوا ما دل عليه الدليل هذا هو التحقيق صحيح، هذا هو التحقيق، لكن هل يُسلّم أن المخالف ليس عنده دليل؟ إذا بحثنا في المسألة ووجدنا أن الجمهور قالوا بقول، والدليل الصحيح الصريح يدل على خلاف ما ذهبوا إليه، وقال بمقتضى الدليل الصحيح الصريح قوم من أهل العلم قلنا: إنهم أهل تحقيق، لكن أحياناً تستغل مثل هذه العبارة للهجوم على قلب القارئ أو السامع، فكون النووي يقول: قال الجمهور بتحريم أكل كل ذي مخلب من الطير، وقال بعضهم: كذا، وعكس صاحب بداية المجتهد، ولا شك أن المذاهب لها تأثير، لكن النووي في هذا الباب أمكن، وبالسنة أعرف من ابن رشد، أعرف من ابن رشد، نعم ابن رشد له اطلاع على المذاهب، لكن لا يمنع أن يكون المذهب أثر عليه، هو مالكي المذهب -رحمه الله الجميع-، وعلى كل حال إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، إذا قال