ثم قال: حكم بيع الحاضر للباد: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه محرم مع صحته، وصرح به بعض الحنفية وعبر بعضهم بالكراهة وهي للتحريم عند الإطلاق، كما صرح به المالكية والشافعية والحنابلة، لكنه مع ذلك صحيح عند جمهورهم، وهو رواية عند الإمام أحمد، وعرفنا أن النهي إذا كان عائداً إلى أمر خارج عن ذات العقد وشرطه فإن العقد يكون صحيحاً مع التحريم، والنهي عنه لا يستلزم الفساد والبطلان؛ لأنه لا يرجع إلى ذات البيع؛ لأنه لم يفقد ركناً ولا إلى لازمه؛ لأنه لم يفقد شرطاً، بل هو راجع لأمر خارج غير لازم كالتضييق والإيذاء، قال المحلي: والنهي للتحريم فيأثم بارتكابه العالم به، ويصح البيع.
وفي رواية عن أحمد أن البيع صحيح ولا كراهة فيه، وأن النهي اختص بأول الإسلام لما كان عليه من الضيق قال أحمد: كان ذلك مرة، يعني ثم نسخ، مذهب المالكية والمذهب عند الحنابلة والأظهر عندهم أن هذا البيع حرام، وهو باطلً أيضاً وفاسد كما نص عليه الخرقي؛ لأنه منهي عنه، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، وكما نص عليه البهوتي بقوله: فيحرم ولا يصح لبقاء النهي عنه، وقال أحمد لما سئل عن هذا البيع: أكره ذلك، وأرد البيع في ذلك، وفصّل المالكية في هذا وقرروا أولاً: أنه يفسخ البيع ما دامت السلعة قائمة لم تفت ببيع أو عيب أو موت أو نحو ذلك.
ثانياً: فإن فاتت مضى البيع في الثمن الذي وقع بالبيع وهذا هو المعتمد، وقيل بالقيمة، يقول: وفيما يلي بعض الفروع التفصيلية عند غير الحنفية في هذا البيع: