أولاً: نص المالكية على أنه مع فسخ هذا البيع بشرط عدم فوات المبيع يؤدب كل من المالك والحاضر والمشتري إن لم يعذر أحد منهم بجهله بأن كان عالماً بالحرمة، ولا أدب على الجاهل لعذره بالجهل، لكن هل يؤدب مطلقاً أم يؤدب إن اعتاد هذا البيع، قولان للمالكية في هذا، والشافعية قرروا الإثم على العالم بالتحريم كما قال المالكية، وكذا الجاهل والمقصر، ولو فيما يخفى غالباً، قالوا: وللحاكم أن يعزر في ارتكاب ما لا يخفى غالباً، وإن ادعى جهله، قال القليوبي: إن الحرمة مقيدة بالعلم أو التقصير، وإن التعزير مقيد بعدم الخفاء غير أن القفال من أئمة الشافعية جعل الإثم هنا على البلدي دون البدوي، وقرر أنه لا خيار للمشتري، يعني البدوي يطلب لنفسه ويحتاط لنفسه وهو في مثل هذا لا يُلام والنهي في الحديث لم يتجه إليه، إنما اتجه للحاضر، ثم عمم الشافعي في اشترط العلم بالحرمة في كل منهي عنه، قال ابن حجر: ولا بد هنا في جميع المناهي أن يكون عالماً بالنهي أو مقصراً في تعلمه كما هو ظاهر أخذاً من قولهم: يجب على من باشر أمراً أن يتعلم جميع ما يتعلق به، مما يغلب وقوعه، يعني الإمام يجب عليه أن يتعلم ما يتعلق بالإمامة، وما يصحح الصلاة وما يبطلها، وعموم المسلمين يجب عليهم أن يتعلموا ما يصحح الواجبات من العبادات والمعاملات، والبائع عليه أن يتعلم أحكام البيع، والمشتري كذلك، وصاحب الذهب عليه أن يتعلم، بائع الأطعمة عليه أن يتعلم ما يتعلق بها، وبائع الحيوانات عليه أن يتعلم ما يتعلق بها، وهكذا.
يقول: يجب على من باشر أمراً أن يتعلم جميع ما يتعلق به، الموظف عليه أن يعرف حدود صلاحياته، ويعرف الأنظمة المتعلقة به التي تسير أمور المسلمين، مما لا مخالفات فيه، يجب على من باشر أمراً أن يتعلم جميع ما يتعلق به مما يغلب وقوعه، أما الأمور النادرة فهذا تبقى مما يتميز به أهل العلم.
ثانياً: بما أن النص ورد في النهي عن البيع للبادي فقد اختلف في حكم الشراء له، مذهب المالكية التفصيل بين الشراء له بالنقد أو بالسلع، فمنهم من يرى جواز الشراء له بالنقد، وبالسلع مطلقاً سوء أحصل السلع بنقد أم بغير نقد، وهو ظاهر كلام خليل.