واختلف في المعتمد عند المالكية، فالمعتمد عند العدوي شرط الجهل بالأسعار هو الذي نص عليه ابن جزيء، والمعتمد عند الآخرين كما نقله الدسوقي هو الإطلاق.
واشترط الحنابلة أن يكون البادي قد جلب السلع وحضر لبيعها؛ لأنه إذا حضر لخزنها، أو أكلها فقصده الحاضر وحضه على بيعها كان توسعة لا تضييقاً.
يعني جاء بادي ليسكن الحاضرة مثلاً ومعه من السمن أو الأقط أكثر من حاجته. . . . . . . . . قال: والله عندي هذا للاستعمال، ما أنا ببايع شيء، فيقول الحاضر: بع منه ما يزيد على حاجتك، وأنت يكفيك نصفه، دعنا نبيع النصف الثاني لتستفيد ويستفيد الناس، مثل هذا ينتفي المحظور عندهم.
يقول: واشترط المالكية أن يكون البيع لحاضر، فلو باع الحاضر لبدوي مثلاًَ فإنه يجوز؛ لأن البدوي لا يجهل أسعار هذه السلع، فلا يأخذها إلا بأسعارها سواءً أشترها من حضري أم بدوي، فبيع الحضري له بمنزلة بدوي لبدوي، واشترط الحنابلة أن يقصد البدوياً حاضرٌ عارف بالسعر، فإن قصده البادي لم يكن للحاضر أثر في عدم التوسعة، يعني المحظور أن يكون هذا الحاضر هو الذي يقصد البدوي، البدوي جاء على وجه يبيع بأي قيمة، فقصده الحضري، لكن فيما لو تصور أن البدوي هو الذي قصد الحضري، ليحتاط لنفسه فينتقل من كونه بيع حاضر لبادي إلى كونه توكيل بادٍ لحاضر، البادي وهو بهذا التصور جاء قاصد الحضري لئلا يغلب في السعر نعم يقولون: ترتفع العلة بهذا، ويكون من باب التوكيل لا من باب ...
فإن اختل شرط من شروط المنع لم يحرم البيع من الحاضر للبادي عند القائل بذلك بتلك الشروط، والحنفية الذي صوّر بعضهم النهي بأن يبع حاضر طعاماً أو علفاً للبادي طعماً في الثمن الغالي قيد التحريم بأن يضر البيع بأهل البلد، بأن يكون في قحط من الطعام والعلف، فإن كانوا في خصب وسعة فلا بأس به لانعدام الضرر، وعبارة الحصكفي: وهذا في حال قحط وعوز وإلا لا لانعدام الضرر، أم الذين صوروا منهم النهي بأن يتولى الحاضر بيع سلعة البدوي ويغالي فيها -وهذا هو الأصح- فقد قيدوه بأن تكون السلعة بما تعم الحاجة إليها كالأقوات، فإن كانت لا تعم أو كثر القوت واستغني عنه ففي التحريم تردد، وبما إذا كان أهل الحضر يتضررون بذلك.