وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المحاقلة, والمزابنة, والمخابرة, وعن الثنيا إلا أن تُعلم" رواه الخمسة إلا ابن ماجه, وصححه الترمذي.
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المحاقلة, والمخاضرة, والملامسة, والمنابذة, والمزابنة" رواه البخاري.
هذان الحديثان اشتملا على النهي عن صور من البيع، ففي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- "نهى عن المحاقلة" والنهي عنها أيضاً في حديث أنس، وهي مفاعلة، محاقلة، والمراد بها في تفسير جابر راوي الحديث أنها بيع الرجل الزرع بما يعادله من الحنطة، وهو زرع حنطة، لكنه في سنبله يبيعه بما يعادله من الحنطة، وسبب النهي عدم العلم بالتماثل؛ لأن الحنطة يبست وصار لها كيل معين، ووزن معين، أما ما دام الحب في سنبله لا يمكن الاطلاع على حقيقة مقداره بدقة، فلا يمكن التماثل، والجهل بالتساوي عند أهل العلم في هذا الباب في باب الربا كالعلم بالتفاضل، الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل.
"نهى عن المحاقلة والمزابنة"، المزابنة مأخوذة من الزبن، وهو الدفع الشديد، وهي بيع التمر، وهو على رؤوس النخل بالتمر الجاف كيلاً، هذه المزابنة تشتري عشر عشرين ثلاثين نخلة، يعني تمر هذه النخل وهو على رؤوسها، أو على الأرض وهو رطب بما يقابله من الجاف، وهذا ممنوع كسابقه، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أينقص الرطب إذا جف؟ )) قالوا: نعم، قال: ((فلا إذاً)) لماذا؟ لأنه لا بد من التساوي؛ لأن التمر ربوي لا بد فيه من التساوي، فإذا كان أحدهما رطباً والثاني جاف لا يمكن تحقق التماثل. والمخابرة: المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع، وهي المزارعة؛ لأن المخابرة إما مأخوذة من الخبرة؛ لأن الذي يزرعها خبير بالزرع، وصاحب الأرض ليست عنده خبرة، كما هو العادة، أو لأن أول هذه المعاملة إنما حصلت بخيبر.