المزارعة تعطي زيداً من الناس أرضاً، عشرة آلاف متر، عشرين ألف متر، وتقول: ازرعها على بعض ما يخرج منها، ازرع لي هذه الأرض وصفِ لي بالسنة خمسمائة صاع، أو لي النصف الشمالي من الأرض، ما يخرجه النصف الشمالي من الأرض، نعم؟ هذا النوع الممنوع من المزارعة، وهو الذي جاءت به النصوص، احتمال أن الأرض لا تخرج خمسمائة، أو تخرج خمسمائة فقط، فيكون عمل المزارع هباء، فيتضرر بذلك، إذا قال: لي النصف الشمالي ولك النصف الجنوبي احتمال أن النصف الشمالي ينتج والجنوبي ما ينتج، أو العكس، فيحصل الضرر بأحدهما، والضرر ممنوع في الشرع، لكن إذا كانت المزارعة والمخابرة على جزء مشاع، على ربع نصف ما تنتجه الأرض مثلاً، على الربع، على النصف، لا بأس، وعلى هذا تنزل نصوص الجواز؛ لأنهما في هذه الحالة يشتركان في الغنم والغرم، إذا تضرر صاحب الأرض تضرر صاحب الزرع، ما يتضرر أحدهما على حساب الثاني، فإذا أنتجت هذه الأرض عشرة آلاف صاع، فلصاحب الأرض النصف وللمزارع النصف، أنتجت هذه الأرض مائة صاع لصاحب الأرض النصف وللمزارع النصف، فيشتركان في الغنم والغرم، وهذه هي الصورة الجائزة من المزارعة.

"عن الثنيّا" والمراد بها الاستثناء، وقد تخفف فيقال: ثنيا، ويراد بها الاستثناء في حديث ماعز اعترف عند النبي -عليه الصلاة والسلام- بالزنا، اعترف، ثم ثنى ذلك عليه مراراً؛ لأنه لو قلت: ثنى صارت مرتين فقط، ولذلك ضبط الكلمة ثنى يعني كرر مراراً، وهنا هي ثني يعني استثناء هذا هو الأصل وقد تخفف.

"إلا أن تُعلم" لا بد أن يكون الاستثناء معلوماً، بعتك هذه البضاعة إلا كذا، لا بد أن يكون معلوماً، بعتك هذه الصبرة إلا عشرة أصواع، عشرين صاع، بعتك هذه البضاعة إلا ربعها، يكون معلوم، لكن لو قال: بعتك هذه إلا بعضها، بعتك هذه البضاعة إلا بعضها، يصح الاستثناء وإلا ما يصح؟ لا يصح؛ لأن المستثنى غير معلوم، والبعض متردد بين أدنى شيء، وبين أكثر شيء، وإن كان بعضهم يقف في الاستثناء على النصف، ولا يجيز استثناء أكثر من النصف، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من أن تكون معلومة لئلا توقع في الخصومة والشجار والنزاع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015