جواز مسألة التورق، على أن تكون شروطها مستوفاة، يكون البائع الأول مالك ملك تام للسلعة ثم بعد ذلك يبيعها على من يريدها، ولو كانت الإرادة لثمنها يبيعها عليه بالثمن الذي يتفقان عليه، ثم المشتري يقبض قبض شرعي معتبر، ثم يبيعها المشتري يبيع سلعته على طرف ثالث، ثم الطرف الثالث يقبضها ويتصرف فيها، في مثل هذه الصورة مسألة التورق جائزة عند جماهير أهل العلم، لكن يقول: أنا أبيع عليك أسهم، أسهم إيش؟ حديد، وين؟ باستراليا، كيف تقبض؟ كيف؟ هل له حقيقة هذا الحديد؟ صلب في اليابان، كيف؟ يعني ضاقت أسواق المسلمين عن السلع التي تحل مشكلاتهم؟ ما ضاقت، الخيرات كلها عندنا -ولله الحمد-، ومسألة التورق معروف كلام أهل العلم فيها، وأسهل ما يتعامل به بالنسبة لها السيارات، التي يمكن قبضها وتحريكها وحيازتها ببساطة وسهولة، يعني بعض الناس يتعامل بالأطعمة، يستدين من زيد ألف كيس ويقول: وين؟ متى تجي الألف كيس؟ متى نحط ألف كيس؟ إحنا مستعجلين، هذه سيارة شغلها وطلع بس، أيسر على الناس هذه، فهي أقرب إلى تحقيق القبض المعتبر، نعم، قبض كل شيء بحسبه، ما يشق نقله، ولا يستطاع حمله، قبضه بالتخلية كالأراضي والثمار على رؤوس الشجر وغيره ما لم يمكن نقله.
في مسألة مما يتعلق بحديثنا الأطعمة في الأسواق، أسواق الفواكه والخضروات وغيرها، يجي يحرج على سيارة كاملة فيها ألف صندوق تمر، كم نبيع؟ بعشرة، عشرين، ثلاثين؟ نصيبك، ثم المشتري وهو في السيارة يبدأ يقطع خذ يا فلان كذا، خذ كذا ما حازها، والطعام أمره أشد من غيره من السلع لورود النص الخاص فيه، فلا بد أن يقبضه يحوزه لا بد أن يحوزه ينقله من هذا المكان إلى مكان آخر، ويطمئن على العدد، وعلى النوعية وعلى .. ، كم من إنسان نكب بهذه الطريقة! ولا يأتي الشرع بشيء لمجرد أنه في زيادة تكليف أو زيادة مشقة أبداً، إنما يأتي الشرع بما يحقق المصالح، كم من واحد استعجل ولا قبض ولا فرز ولا سوى شيء، ثم يندم، يتبين له خلل في السلعة، فيفضي مثل هذا إلى النزاع والشقاق والخصومات، والشرع بمثل هذه النصوص يقطع دابر هذه الخصومات، نعم.