"وعنه" يعني أبا هريرة راوي الحديث السابق "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله)) " يعنى حتى يقبضه القبض الشرعي المعتبر، وقبض المكيل بكيله، قبض الموزون بوزنه، قبض المعدود بعده، وهكذا فلا بد من القبض، ومع ذلك في الطعام لا بد أن يحوزه إلى رحله، والخلاف في بقية السلع، وجاء في الحديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" فالقبض له شأن يعين السلعة، وينقلها من ضمان البائع إلى ضمان المشتري، وأما ما يحصل من التساهل في أمور بالإمكان قبضها ويتساهل في قبضها لا شك أن هذه مخالفة، وابن عباس -رضي الله تعالى عنه- يقول: "ولا أحسب كل شيء إلا مثله" يعني مثل الطعام، وجاء الحديث العام: "نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" والطعام أشد؛ لأن فيها النص الخاص ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله)) فالطعام لا بد من نقله، والسلع كذلك، فيما يمكن نقله، أما ما لا يمكن نقله فقبضه يكون بالتخلية، وبعض الناس يهمه أن يستعجل فيما هو بصدده، ولا يستوفي الشروط والواجبات الشرعية، اشترى سلعة وهو لا يريدها إنما يريد قيمتها، المسمى عند أهل العلم مسألة التورق، ما يهمه إلا القيمة على أي وجه كان، يشتري من شخص قد لا يكون ملكه لهذه السلعة تاماً، ثم بعد ذلك يستعجل فلا يقبض، ثم بعد ذلك يستعجل فيوكل البائع الأول، ويبيعها أو بيعها عليه، كل هذه مخالفات، في مثل هذه المسألة التي هي مسألة التورق، والخلاف فيها عند أهل العلم معروف في أصل جوازها، ويزداد ضعفها مع التساهل الحاصل بين الناس، يشتري تورق حديد في الصين، أو اسمنت في اليابان، أو ما أدري إيش؟ على شان إيش؟! يعني البلد ما في سلع يمكن قبضها؟! أين التحري يا إخوان؟ هذا تحايل، ثم بعد ذلك يشتري السلعة من شخص عرف بالتساهل، وقد يكون في معاملاته المخالفات الشرعية، ويقول: وكلني أقبض لك، وكلني أبيع لك، وتجئ تجد الثمن جاهز، التحايل في مثل هذه الصور ظاهر، لكن من احتاج إلى مسألة التورق يبي يتزوج وما عنده دراهم بيشتري سيارة، بيشتري حاجة أصلية يحتاجها، جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015