في الأسمدة النجسة التي ينتفع بها في الزراعة، يجوز بيعها وإلا ما يجوز بيعها؟ الذي يقيد المنفعة بالحاجة يقول: لا يجوز بيعها كالكلب المعلم، كلب الصيد، كلب الحراسة، كلب الزرع، كلب الماشية، هذه مباحة النفع لكنها مقيدة بالحاجة، وإلا فالأصل المنع من اقتناء الكلب، واستثني هذا بالنص، والذي يقول: ما دام يباح نفعه فكيف يُحصل عليه بغير البيع؟ لا يمكن الحصول عليه بغير البيع، وهذه حكمة تشريع البيع؛ لأن الإنسان قد يكون بحاجة ماسة إلى ما بيد صاحبه ولا يبذله أخوه له بدون مقابل، فيضطر إلى شرائه منه، فإذا احتاج إلى كلب صيد، أو كلب زرع، أو ماشية لا وسيلة له إلا البيع، وقل مثل هذا في الأزبال والأسمدة التي تستعمل في خدمة الزرع، لا يمكن الحصول عليها إلا بالبيع، ومنهم من يفرق بين البائع والمشتري، فيقول: المشتري محتاج، والمنفعة بالنسبة له إنما أبيحت له؛ لأنه محتاج، والمنفعة أبيحت للحاجة فهو من أهلها، فيجوز له الشراء دون البائع، القاعدة عند أهل العلم أن ما حرم أخذه حرم دفعه؛ لأن هذا يدخل في التعاون، فإذا كان هذا لا يجوز له أن يبيع السلعة فكيف يجوز لي أن أمكنه من هذا العقد الذي لا يجيزه الشرع؟ فما حرم أخذه حرم دفعه، هذه القاعدة، وهذا هو التعاون على الإثم والعدوان إذا قلنا: لا يجوز، والمسألة معروفة عند أهل العلم، لا شك أن المشتري أمره أخف من البائع؛ لأن المشتري محتاج، والحاجة تبيح ما منع بالقواعد العامة لا بالنص عليها، وأما الكراهة فتزول بأدنى حاجة.
جاء ذم كسب الحجام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أعطى الحجام، مع أنه قال: ((كسب الحجام خبيث)) ففرق بين من يأخذ ومن يعطي، فالآخذ أمره أشد من المعطي المحتاج، قالوا في المصحف عند من لا يجيز بيعه لأن بيعه امتهان، جعله سلعة تباع قابلة للرخص هذا كلام الله امتهان بيعه، ولذا المعروف عن الحنابلة أنه لا يجوز بيعه، لكن يجوزون شراءه للحاجة.
الوقف لا يجوز بيعه، لكن إذا اضطر طالب علم إلى كتاب موقوف ولا يوجد إلا عند شخص لا يجود به إلا بالثمن هذا محتاج، فهذه المسألة لها نظائر.