حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من مات وعليه صيام صام عنه وليّه)) (صيام) نكرة في سياق الشرط فتعمّ جميع الصيام، سواء كان الصيام من رمضان أو كفارة أو نذر، (من مات وعليه) كلمة (عليه) تدل على أنه مما يلزمه هذا الصيام، فلا يدخل في مثل هذا التطوع، عادة هذا الرجل أن يصوم يوم عرفة، مات يوم العيد وما صام يوم عرفة نصوم عنه يوم عرفة؟ لا، لكن في الواجب الذي يلزمه بدليل قوله: ((وعليه)) لأن من أساليب الإيجاب (عليه صيام) نكرة في سياق الشرط فتعمّ، و (من) هذه من صيغ العموم، كل من مات وعليه صيام أي صيام صام عنه وليه، بهذا قال جمع من أهل العلم أن من لزمه صيام ولم يتمكن منه فإن وليه يقوم مقامه، ومنهم من يخص هذا الصيام الذي يقبل النيابة بالنذر فقط، لا ما وجب بأصل الشرع، ما وجب بأصل الشرع لا يقبل النيابة، "فلا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد"، لكن ما أوجبه الإنسان على نفسه مثل هذا قدر زائد على ما أوجبه الشرع فمثله يقبل النيابة، وهذا هو المعروف عند الحنابلة ويرجحه شيخ الإسلام وابن القيم ويرون أنه هو الجاري على القواعد، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات: ((من مات وعليه صيام نذر صام عنه وليه)) في بعض الروايات وهي في الصحيح وعندنا صيام مطلق كما هنا وفي الروايات الأخرى مقيد بكونه نذر، وحمل المطلق على المقيد في مثل هذا متعيّن؛ لأنه يتفق معه في الحكم والسبب، يتفق معه في الحكم والسبب؛ لكن إن جعلناه كما قال بعضهم أنه من باب العموم والخصوص، صيام عام والنذر خاص، من باب العموم والخصوص فلا أثر للخاص؛ لأنه ذكر الحكم فيه بحكمٍ موافق للعام، فيكون من باب الاهتمام بهذا الخاص نصّ عليه، وإن كان فرداً من أفراد العام الذي يشمله النص المذكور هنا، وعلى كل حال كما يقول ابن القيم وقبله شيخ الإسلام: الجاري على قواعد الشرع أن العبادات البدنية الواجبة بأصل الشرع لا تقبل النيابة، بخلاف ما أوجبه الإنسان على نفسه هذا يقبل.