أما مخلفته للسنة الكونية فلا إشكال، نعم الدعاء مخالف للسنة الكونية، لكن المسلم مأمور بأن يدور مع السنن الشرعية، مع الإرادة الشرعية لا مع الإرادة الكونية، لا بد أن يبقى من الكفار من يبقى، لا بد كوننا ندعو عليهم مخالف لهذا، لكن أنت مأمور بقتالهم، {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [(73) سورة التوبة] نعم أنت مأمور بقتالهم، والدعاء عليهم أسهل من قتالهم، فما دمت مأمور بقتالهم فالدعاء عليهم أيسر، وقد ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا على قبائل، ومن هذه القبائل من أسلم، وأنت مأمور بأن تدعو لنفسك وتدعو لولدك وتدعو لعموم المسلمين مع أن من عموم المسلمين من سيدخل النار، فلا معارضة بين هذا وهذا، ومر بنا في الموطأ من قول أحد التابعين –نسيته-: أدركنا الناس، والمقصود بذلك الصحابة، وهم يدعون على عموم اليهود والنصارى، فأما مخالفة الإرادة الكونية فلا ... ، فالمسلم غير مطالب بها، وقد جاء من النصوص ما يدل على أن هذا الأمر سيقع كوناً مع أنك مأمور بالأدلة الصحيحة الصريحة بمخالفة هذا الأمر، في أخر الزمان يفشو الزنا، ويكثر الجهل، ويكثر الهرج، الهرج: القتل، هذه إرادة كونية، لكن أنت مأمور بأن تحقق الإرادة الكونية، تساهم في كثرة الزنا، تساهم في قلة العلم، وكثر الجهل، لا لا أبداً، أنت مأمور شرعاً، أمر شرعي، إرادة شرعية بأن تحول دون وقوع هذه الأشياء، إذاً سيأتي يوم والضعينة تسير من عدن إلى صنعاء بمفردها لا تخشى إلا الله، نقول: إن هذه إرادة كونية أن المرأة تسافر بدون محرم؟ لا يا أخي، أنت مأمور بأن تدور مع الإرادة الشرعية لا مع الإرادة الكونية.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
يقول الإمام الحافظ شيخ الإسلام أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله تعالى-:
وعن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) رواه مسلم، وزاد الترمذي: ((فإنها تذكر الآخرة)) وزاد ابن ماجه من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: ((وتزهد في الدنيا)).