نأتي إلى الآية: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(6) سورة المائدة] هل يقول: إن من جاء من الغائط وعنده الماء لا يتوضأ؟ هل يقول بهذا أحد؟ لأن عندنا قيد: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} تعقب جمل، تعقب أكثر من جملة، هل هو قيد للجملة الأخيرة أو لها وللتي قبلها؟ أو لجميع الجمل؟ هذا القيد المتعقب لجمل، ومثله الوصف المؤثر، ومثله الاستثناء كما في قوله -جل وعلا- في القذف: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور] هذا الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة بالاتفاق، لكنه لا يرجع إلى الجملة الأولى بالاتفاق، فمن قذف وتاب يلزمه الحد إلا إذا عفا صاحب الشأن؛ لأن الأمر لا يعدوه، قبل أن يرفع إلى الإمام، وعوده إلى الجملة الثانية محل خلاف: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] محل خلاف بين أهل العلم، وهم مختلفون أيضاً فيما يعود إليه مثل هذا، والمرجح أن القرائن هي التي ترجح عوده إلى جميع الجمل أو إلى بعضها دون بعض، والذي في آية التيمم عائد إلى جميع الجمل، وهذا محل إجماع، والإجماع نقله أكثر من واحد، أن واجد الماء بالإجماع عليه أن يمسه بشرته إذا كان يستطيع ذلك ويقدر عليه.
يقول: "وعن معاذ -رضي الله عنه- قال: "خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً, والمغرب والعشاء جميعاً" رواه مسلم" هذا فيه دليل على الجمع، الجمع بين الصلاتين في السفر، وتقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- منذ خرج إلى المدينة إلى أن رجع وهو يقصر الصلاة، وهنا في غزوة تبوك يجمع بين الصلاتين في السفر، في هذا دليل على جواز الجمع بين الصلاتين في السفر باستثناء صلاة الصبح، صلاة الصبح فإنها لا تجمع مع غيرها، صلاة الجمعة أيضاً لا تجمع مع غيرها؛ لأنها فرض مستقل ولم يرد فيها ما يدل على جواز الجمع بينها وبين العصر.