يصلي الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً لوجود السبب المبيح للجمع وهو السفر، لكن ما الفضل؟ هل المفضل القصر أو الإتمام؟ وهل المفضل الجمع أو التوقيت؟ عرفنا أن القصر رخصة، والله -جل علا- يحب أن تؤتى رخصه، وقد أوجبه بعض أهل العلم، فالقصر أفضل من الإتمام عند وجود السبب، بالنسبة للجمع والتوقيت إن كان قد جد به السير فالجمع أفضل؛ لأنه ثابت ثبوتاً لا مرية فيه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أرفق بالمسافر، وإن كان نازلاً فالأفضل أن يصلي كل صلاة في وقتها هذا الأفضل، النبي -عليه الصلاة والسلام- في منى كان يصلي كل صلاة في وقتها، حتى ذكر ابن القيم أنه لم يحفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه جمع بين صلاتين وهو نازل إلا في عرفة ومزدلفة من أجل أن يتسع الوقت للوقوف.
الحديث الذي يليه: حديث "ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقصروا الصلاة في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان)) " من مكة إلى عسفان، ومن مكة إلى جدة، ومن مكة إلى الطائف أربع برد، وهي مسافات متقاربة تعادل ثمانين كيلاً، "رواه الدارقطني بإسناد ضعيف" بل ضعيف جداً، كونه مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ضعيف جداً، في إسناده عبد الوهاب بن مجاهد وهو متروك، وحديث المتروك شديد الضعف، لا يقبل الانجبار، وجوده مثل عدمه.
يقول ابن حجر: "والصحيح أنه موقوف، كذا أخرجه ابن خزيمة" يعني موقوفاً على ابن عباس، وإسناده إلى ابن عباس صحيح، الموقوف صحيح، وهذا من اجتهاد الصحابي، وعرفنا فيما تقدم أن تحديد المسافة لا يصح فيها شيء مرفوع، وفيها من أقوال الصحابة ومن جاء بعدهم الشيء الكثير، ولذا اعتمد الجمهور على التحديد.