كذب وافتراء من قال: إن الحلاج قتل مظلوماً وإنه من أولياء الله

قال رحمه الله تعالى: [وقول القائل: إنه قتل ظلماً قول باطل؛ فإن وجوب قتله على ما أظهره من الإلحاد أمر واجب باتفاق المسلمين، لكن لما كان يظهر الإسلام ويبطن الإلحاد إلى أصحابه، صار زنديقاً، فلما أخذ وحبس أظهر التوبة، والفقهاء متنازعون في قبول توبة الزنديق فأكثرهم لا يقبلها، وهو مذهب مالك وأهل المدينة، ومذهب أحمد في أشهر الروايتين عنه، وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة، ووجه في مذهب الشافعي، والقول الآخر تقبل توبته.

وأما قول القائل: إن الحلاج من أولياء الله، فالمتكلم بهذا جاهل قطعاً، متكلم بما لا يعلم، لو لم يظهر من الحلاج أقوال أهل الإلحاد، فإن ولي الله من مات على ولاية الله، يحبه ويرضى عنه، والشهادة بهذا لغير من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة لا تجوز عند كثير من العلماء أو أكثرهم.

وذهبت طائفة من السلف، كـ ابن الحنفية وعلي بن المديني إلى أنه لا يشهد بذلك لغير النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال بعضهم: بل من استفاض في المسلمين الثناء عليه شهد له بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (مر عليه بجنازة فأثنوا خيراً، فقال: وجبت وجبت، ومر عليه بجنازة فأثنوا عليها شراً فقال: وجبت وجبت، قال: هذه الجنازة أثنيتم عليها خيراً فقلت: وجبت لها الجنة، وهذه الجنازة أثنيتم عليها شراً، فقلت: وجبت لها النار، أنتم شهداء الله في الأرض).

فإذا جوز أن يشهد لبعض الناس أنه ولي الله في الباطن، إما بنص وإما بشهادة الأمة فـ الحلاج ليس من هؤلاء، فجمهور الأمة يطعن عليه ويجعله من أهل الإلحاد، إن قدر على أنه يطلع على بعض الناس أنه ولي الله ونحو ذلك مما يختص به بعض أهل الصلاح].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015