قال رحمه الله تعالى: [والاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة، كالاستنصار: طلب النصر، والاستعانة طلب العون، والمخلوق يطلب منه من هذه الأمور ما يقدر عليه منها، كما قال تعالى: {وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ} [الأنفال:72]، وكما قال: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص:15]].
هذه الفروق تعتبر وجهاً رابعاً من الجواب، والاستغاثة ليست بمعنى الاستعانة من كل وجه، وعليه فهذه الفروق تبين أن بين الحالتين فروقاً في المعنى والحكم.
قال رحمه الله: [وكما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2].
وأما ما لا يقدر عليه إلا الله فلا يطلب إلا من الله، ولهذا كان المسلمون لا يستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستسقون به ويتوسلون به، كما في صحيح البخاري: (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى بـ العباس وقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا؛ فيسقون).
وفي سنن أبي داود: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نستشفع بالله عليك، ونستشفع بك على الله، فقال: شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع به على أحد من خلقه)، فأقره على قوله: (نستشفع بك على الله) وأنكر عليه قوله: نستشفع بالله عليك].
وهذه صورة خامسة من صور هذا الموضع، ولها حكمها بالتفصيل.