الاجتهاد في فقه النص على غير قواعد الشريعة

الصورة الثانية من صور الاجتهاد التي دخلت على الخاصة، هي ما نسميها: الاجتهاد في فقه النص على غير قواعد الشريعة التي مضى عليها السابقون الأولون، وهذا وجد عند كثير من خاصة الصوفية أو أكثرهم، وصورته: أنه فقه لكثير من النصوص في مسائل السلوك والعمل على غير القواعد التي مضى عليها السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، فليس هذا من الفقه، بل إن هذه الأوجه من المحدثات والبدع في السلوك، وقد ترسم هذا الفقه لما انتظم التصوف، فأصبح كثير من الصوفية يفسرون كثيراً من النصوص بالتفسير الرمزي، فيجعلون الآية رمزت إلى معنى في الفعل، وظهرت رمزية بمصطلحاتها، وصاروا يفهمون -مثلاً- من خلع النعلين في قصة موسى معنىً من التعبد والقيام، حتى صنف من صنف منهم تحت هذا الاسم كتاباً.

فمسألة الرمزية والإشارة -مع أن مصطلح الإشارة موجود في تنظيم الأصوليين، وهو ما يسمى بدلالة الإشارة ودلالة الإماء وما إلى ذلك -لكن مفهوم الرمزية هذه أو المراميز- كما يسميها ابن سينا والغزالي المراميز والإشارات- هو في تحصيل معاني قلبية يتعبد بها بالقلب، أو معاني حركية، أي: تقوم في حركة العمل الظاهر، من خلال سياقات من القرآن أو من السنة لم يكن الصحابة يفقهونها، فيسمى هذا فقهاً، أي: أنهم فقهوها من نصوص، لكن هذا الفقه لم يبن على قواعد الشريعة التي مضى على فقهها السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015