رجم النبي -عليه الصلاة والسلام- في قصص معروفة مستفيضة مأثورة في دواوين الإسلام المعروفة، يعني ليس لأحد كلام في هذا، وكون عمر -رضي الله عنه- يقول: "رجمنا بعده": يدل على بقاء الحكم.
يجوز نسخ الحكم وبقاء الرسم: عكس ما تقدم، وهذا أكثر أنواع النسخ كآيتي المصابرة {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [(65) سورة الأنفال]، هذه الآية في أول الأمر، وفيها شدة على المؤمنين، والمؤمنون فيهم ضعف، فخفف الله عنهم بقوله –جل وعلا-: {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} [(66) سورة الأنفال].
قد يقول قائل: هذه أخبار، هذه أخبار؟
لكنها أخبار متضمنة لأحكام قد يأتي الأمر بلفظ الخبر، يأتي الأمر بلفظ الخبر، كما أن النهي أيضاً يأتي بلفظ الخبر، وعلى كل حال هذا من هذا النوع؛ المسلم مأمور بأن يصبر لعشرة في أول الأمر، وحينئذ لا يجوز له أن يفر من عشرة؛ الحكم شرعي، لما علم الله الضعف جعل الحكم مربوط بالضعف، فإذا كان العدد أكثر من الضعف جاز له الفرار.
كما يجوز أيضاً نسخ الحكم والرسم معاً: كحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات".
العشر منسوخة، وكانت من القرآن، وكانت مما يتلى من القرآن، فرسمها يعني لفظها منسوخ وحكمها أيضاً منسوخ، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يُقرأ من القرآن، وفي رواية: "نزل في القرآن عشر رضعات معلومات، ثم أنزل أيضاً خمس معلومات".
قد يقول قائل: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ، لماذا لا نقرؤهن؟ أين .. ، كيف رفعن من المصحف، وقد توفي النبي -عليه الصلاة والسلام- استقر الأمر وهن مما يتلى؟
ومثل هذا يلبس به بعض المبتدعة، وأن أهل السنة كغيرهم؛ يرون أن في القرآن شيئاً من التحريف، وأنهم نقصوا من القرآن، "فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يتلى من القرآن"؟!