أراد الله -سبحانه وتعالى- أن يختبر هؤلاء، أراد الله، يعني بدا لله -عز وجل- أن يختبرهم، يعني أراد الله -جل وعلا- أن يختبرهم؛ يؤيد ذلك ما جاء في البخاري نفسه في كتاب الأيمان والنذور الحديث نفسه خرجه الإمام البخاري في كتاب الأيمان والنذور: "باب لا يقول ما شاء الله وشئت، وهل يقول: أنا بالله ثم بك" من حديث أبي هريرة، الحديث نفسه، أنه سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إن ثلاثة من بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم فبعث ملكاً)) الحديث، فمعنى بدا في الرواية الأولى: أراد، وهو مفسر بالرواية الثانية.
ثم بعد ذلك قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
يجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم: نسخ الرسم وبقاء الحكم، والعكس: نسخ الحكم وبقاء الرسم، والنسخ إلى بدل وإلى غير بدل، وإلى ما هو أغلظ وإلى ما هو أخف.
يجوز نسخ الرسم: نسخ اللفظ، والحكم باق، ومثل لذلك بـ ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة))، في الصحيحين يقول: قال عمر -رضي الله عنه-: "فإنا قد قرأناها ووعيناها وعقلناها، ورجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده، فدل على أن هذا الحكم ثابت وإن كان الرسم منسوخاً -يعني مرفوعاً من التلاوة- ويظهر في هذا النوع مقدار امتثال المكلف؛ لأنه قد ينازع لا سيما في مثل هذا الحكم، قد ينازع بعض من فتن ويقول: إن الرجم مادام نسخ -رفع لفظه- لماذا لم يكن مما رفع حكمه؛ لا سيما وأن الرجم لا يناسب في مثل هذه العصور؟ قد يقول قائل: وحشية هذه، أو حقوق الإنسان لا تقره أو ما أشبه ذلك، فلماذا لا يرفع حكمه تبعاً لرسمه؟
نقول: الله -سبحانه وتعالى- له أن يفعل ما يشاء، فيرفع ما يشاء ويبقي ما يشاء، والحديث في الصحيح، وليس لأحد كلام.
وحكم .. ، لفظه مرفوع وأجمع الصحابة على عدم كتابته في المصحف، فدل على أنه منسوخ من حيث التلاوة، لكن حكمه باق كما قال عمر -رضي الله عنه-: "فإنا قد قرأناها ووعيناها وعقلناها، ورجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده".