أهل العلم يجيبون عن مثل هذا بأن النسخ تأخر جداً، إلى قبيل وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- فخفي على بعض الصحابة هذا النسخ، فصار يقرأ مثل هذا الكلام بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم بلغه الناسخ فترك، توفي النبي -عليه الصلاة والسلام- وهن فيما يقرأ من قبل بعض من خفي عليه النسخ، ولذا أجمع الصحابة على عدم إثبات هذه الآية في المصحف.
ينقسم النسخ إلى بدل: كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة، وإلى غير بدل: نسخ استقبال بيت المقدس إلى بدل وهو استقبال الكعبة، وإلى غير بدل كنسخ صدقة المناجاة، {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [(12) سورة المجادلة]، هذا نسخ إلى غير بدل.
النسخ إلى بدل لا خلاف فيه؛ {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة].
الثاني: وهو النسخ إلى غير بدل، هو مذهب جمهور أهل العلم؛ جمهور أهل العلم يرون أن هناك نسخ إلى غير بدل، والمثال كما سمعنا، ومنعه الظاهرية؛ استدلالاً بالآية {مَا نَنسَخْ .. }، {نَأْتِ}: معناه أن كل ما ينسخ يؤتى بدله، إما خيراً منه أو مثله.
أما النسخ إلى بدل فهو مجمع عليه عند كل من يقول بالنسخ، وهم جميع من يعتد بقولهم من أهل الإسلام، بعض المعاصرين ألف كتاباً كبيراً في التفسير يعني على طريقة الخلف في كثرة الكلام مع قلة البركة، وهذا التفسير ينتقي من عناوين كل جزء أبرزها ويجعلها على الغلاف، فكان من أبرز العناوين التي كتبها: (النسخ ولا نسخ في القرآن).
الظاهرية يمنعون أن يوجد نسخ إلى غير بدل، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- يميل إلى قول الظاهرية ويؤيده؛ يقول -رحمه الله تعالى-: إن القول بالنسخ إلى غير بدل، قول باطل، وإن قال به جمهور العلماء؛ لأن الله تعالى يقول: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة].