والسفر: هو أصله البروز والخروج من البلد، من الإسفار وهو الوضوح، فلا يجوز لامرأة أن تسافر تخرج من البلد ولا ميل واحد إلا مع ذي محرم؛ لأن مفهوم العدد غير مراد بدليل اختلاف الأعداد.
"قال مالك: لا يقصر الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية" كلها، يعني يفارق عامر البلد، وعلى هذا جماهير العلماء أنه لا يخرج ما لم يتلبس بالسبب الذي يقتضي القصر، ولا يترخص إلا إذا باشر السبب الذي من أجله شرعت هذه الرخص، فالمرء في بيته لا يسمى مسافراً، المرء في بلده لا يسمى مسافراً، إذاً لا يجوز له أن يترخص، ومن ضمن البلد المطارات، فلا يجوز له أن يترخص وهو في مطار البلد؛ لأنه تابع للبلد، ولا يفارق البلد إلا إذا فارق المطار، فإذا طارت الطائرة من مطار الرياض قيل: غادرنا الرياض، والمغادرة لها صالات معروفة، وإذا وقعت الطائرة في مطار الرياض قيل: وصلنا الرياض، فالمطار من الرياض لا يجوز لأهل الرياض أن يترخصوا فيه، وهو من عامر البلد لا يجوز لهم أن يترخصوا فيه بحال، لم يتلبسوا بالسفر، نعم إذا غادروا المطار تلبسوا بالوصف، فجاز لهم الترخص.
أقول: ذهب بعض السلف إلى أنه إذا أراد السفر قصر ولو في بيته استناداً إلى حديث أنس وأنه أفطر وهو في بيته، لكن الحديث لا يسلم من مقال، والنصوص علقت الرخص على وصف إذا وجد هذا الوصف ثبتت هذه الرخص، ما وجد الوصف ما تثبت الرخص.