"قال مالك: ولا يقصر الذي يريد السفر في الصلاة حتى يخرج من بيوت القرية، ولا يتم حتى يدخل أول بيوت القرية أو يقارب ذلك" الإمام مالك كما ترون أكثر من ذكر أقوال الصحابة في مسافة القصر، أكثر من ذكر أقوال الصحابة في ذكر المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وركز -رحمه الله- على قضية أربعة برد رددها مراراً فدل على أن هذا رأيه، ولو صح عنده في المسافة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء لو صح في تحديد المسافة عنده عن النبي -عليه الصلاة والسلام- شيء لما تركه، فدل على أنه لم يثبت عنده شيء مرفوع في مسافة القصر، نعم فهمهم من نهي المرأة عن أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام، أو مسيرة يوم وليلة أو .. ، على كل حال جمهور الصحابة على هذا، على التحديد بأربعة برد، وكونه ينهض أقوال الصحابة هذه تنهض للإلزام بالأربعة البرد لا تنهض، لا تنهض للإلزام بهذا، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على التحديد، ويرون أن فيه احتياطاً للصلاة، وأكثر من يرى التحديد بما فيهم الأئمة الثلاثة التحديد بأربعة برد يعني ثمانين كيلاً، فهذا هو قول الجمهور، يبقى قول البخاري يوم وليلة أربعين، وقول الإمام أبي حنيفة ثلاثة أيام مائة وعشرين، لكن الأئمة الثلاثة على أنه أربعة برد، يعني ثمانين كيلاً.
والأصل ما يطلق عليه السفر مطلق في النصوص، فينبغي أن يفسر بالنصوص إن وجدت وإلا فبلغة العرب؛ لأن النصوص جاءت بلغة العرب، والنصوص جاءت مطلقة، ولذا يقول جمعٌ من أهل التحقيق: إنه يجمع ويقصر ويفطر ويترخص في كل ما يطلق عليه سفر لغةً، وهكذا الشأن في مدة الإقامة في مكانٍ واحد على ما سيأتي، ويقول بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية، ويرجحه بعض أهل العلم.